للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مصير ثواب العمل الصالح لمن وقع في الردة]

[السُّؤَالُ]

ـ[إنني متزوج منذ ثلاث سنوات في السنة الأولى من زواجي صادفتني مشكلة جنسية ذات تأثير نفسي أدت إلى تأخير حمل زوجتي لمدة سنة. خلال تلك السنة ساءت حالتنا النفسية وكثيرا ما كانت زوجتي تتذمر وتطيل لسانها, وكنت أعذرها نظرا لتأثير المشكلة عليها مباشرة ونظرا لصبرها وتحملها المشكلة معي والسعي الحثيث لحلها. بعد سنه من الله علينا وعدت إلى حالتي الطبيعية ورزقنا بطفل بعد سنتين من زواجنا والحمد لله، المشكلة الآن هي أن زوجتي لا تزال تطيل لسانها لأتفه الأسباب كلما حدثت مشكلة بيني وبينها وتصل إلى حالة من العصبية لأن تنعتني بأفظع الصفات والتي لا يمكن لأي زوج أن يتقبلها وتطلب الطلاق بطريقة فظيعة كأن تقول أنت لست رجلا وليس لديك ذرة من الكرامة ولو كان عندك كرامة لما أبقيتني مع هذه الإهانات التي أهينك بها وغيرها من الكلمات, مما يستدعي أن أرد عليها بكلمات مماثلة, ولكن دائما هي المبادرة بإهانتي. وقد تصل إلى حالة عصبية يضيق فيه تنفسها وينقطع وصول الأوكسجين الى دماغها وتكاد أن تموت, مما يجعلني أقف مكتوف اليدين وأحاول إنقاذها وأهدئ من روعها. وعندما تعود لحالتها الطبيعية آخذ منها وعد أن لا تكرر هذا العمل, ولكن دون جدوى, فإذا ما تكررت المشاكل تكرر نفس السيناريو. المشكلة هي أنني في آخر مشكلة حدثت بيننا أدت بي لأن افقد أعصابي وأتفوه بكلمات كفر بالله ولا أعرف كيف نطقت بهذه الكلمات خاصة وأنني مداوم على الصلاة وقيام الليل ولم أتفوه بكلمة كفر واحدة طوال عمري غير هذه المرة. سألت إمام الجامع فقال لي أن كل أعمالي السابقة قد حبطت وأصبح رصيدي من الحسنات يساوي صفرا وأن علي أن أتشهد من جديد وأدخل دين الإسلام من جديد, وهذا الأمر جعلني محبطا فلا أعرف كيف السبيل إلى التوبة من هذا الذنب؟ ولا أعرف كيف السبيل إلى ضمان عدم تكرار ما يحدث بين الحين والآخر؟ أفيدي أفادكم الله.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت قد تلفظت بهذه الكلمات الكفرية وأنت لا تعي ما تقول فلا إثم عليك ولا تكون بذلك كافرا، ولكن عليك أن تنتبه لخطورة الأمر وتتخذ من الأسباب ما يحول بينك وبين تكرره مرة أخرى، ومن هذه الأسباب أن تسأل الله تعالى العصمة من الزلل وكلمة الحق في الغضب والرضا كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم، وعليك بالحذر من الغضب والحرص على الحلم والتحلم.

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال: لا تغضب فردد مرارا، قال: لا تغضب.

وإذا طرأ عليك الغضب فاتبع الأدب النبوي في ذلك وقد بيناه بالفتوى رقم: ٢٤٨٢٠، ولا ينبغي على كل حال أن تقابل عصبية زوجتك بعصبية مثلها.

وأما إن كنت تلفظت بكلمات مكفرة وأنت تعي ما تقول فإنك تكفر بذلك وتجب عليك التوبة والنطق بالشهادتين ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: ٩٤٨٧٣، والفتوى رقم: ٥٧٦١١.

ولا ينبغي أن تيأس من رحمة الله فمغفرته سبحانه واسعة لا يعظم معها ذنب، ومجرد الردة لا يبطل ثواب الأعمال السابقة على الراجح ما لم يمت صاحبها على الردة، وراجع الفتوى رقم: ٧٣٥٨٧.

ثم إن الحل ليس في التكاسل والقعود عن العمل فإن هذا ما يريده الشيطان ويرضيه، بل ينبغي بذل الوسع في المزيد من الأعمال الصالحة واكتساب الحسنات فإن هذا ما يريده الرحمن ويرضيه.

وأما ما ذكرت من تطاول زوجتك عليك وإهانتها لك فهذا أمر لا يجوز ويتنافى مع قوامة زوجها عليها وهو نوع من النشوز، وعلى كل فننصحك بالصبر عليها واتباع ما أرشد الله تعالى إليه في علاج نشوز المرأة وهو مبين بالفتوى رقم: ١٧٣٢٢.

ثم إنه لا يبعد أن تكون زوجتك تعاني من شيء من الاضطراب النفسي فينبغي مراجعة بعض أهل الاختصاص من الأطباء.

وأما طلب زوجتك الطلاق فإن لم يكن له مسوغ شرعي فلا يجوز لها ذلك، وإذا أصرت على طلب الطلاق ورأيت طلاقها فلك أن تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك، وراجع الفتوى رقم: ١١٢٦١١.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ صفر ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>