للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حق الأبناء في متروك أبيهم من ميراثه من أبيه]

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد كان والدي رحمه الله يحب والدته كثيرا لدرجة أنه كان يعطيها راتبه الشهري بالكامل ولقد كانت هي تقبل ذلك منه، مع العلم بأنها غير محتاجة ماديا إطلاقا وكانت تعلم بمرضه ومرض أخي الذي ورثه عن أبي وكان يتركنا لأمي لتصرف علينا وتقوم بمتطلبات المنزل وهو في هذا يرى أنه يبر والدته، توفي قبلها بتسعة أعوام وبعد أبيه بحوالي ٧ أعوام تقريبا، وهناك بيت لجدي وقام بعمل عقد ايجار لعمي الأكبر وهو يقيم فيه الآن ولنا من الأعمام أربعة.

وبعد وفاة جدتي بعام طلب عمي منا أن نوافق على أحد الحلين:

١- إما أن نأخذ منه إيجار المنزل إيجار قديم بما يعادل نصيب والدنا رحمه الله ٢ جنيه في الشهرمع العلم أنه قال إنه كان يعطي جدتي الإيجار منذ فترة وفاة جدي فهل يحق له ذلك؟

٢- أن نقبل بأن يشتري البيت لنفسه بثمن زهيد جدا فالبيت قيمته الآن تساوي حوالي ٣٠٠ ألف جنيه ويريد أن يشتريه ب٥٠ ألف فقط لأنه يعتبر مسكونا، وسيكون نصيبي وإخوتي بعد التقسيم على باقي أعمامي هو ١٠ آلاف جنيه.

سؤالي هو:

١- هل يحق له أن يدفع إيجار الأعوام الماضية لجدتي (ومنها فترة ١٠ سنوات مرت على وفاة والدي) .

٢- هل يحق له أن يُعامل على أنه مؤجر عادي مع العلم بأنة أحد الورثة.. أي أنه هو الوحيد المستفيد ببيع البيت بهذه الطريقة.

٣- هو يريد منا أن نختار فهل إذا ابتعدنا عنه وعن جشعه هل نعتبر نحن قاطعين للرحم. مع العلم أنه يوبخنا كلما رآنا على هذا الموضوع وأعمامي في صفه وليس لنا من يقف معنا ولقد طلبنا صورة عقد الإيجار فرفض أن يعطيها لنا وقال إنه ليس لنا الحق في ذلك. أفيدونا جزاكم الله كل الخير.]ـ

[الفَتْوَى]

خلاصة الفتوى:

إن وفاة أبيكم بعد أبيه تجعله من جملة ورثة هذا الجد، وليس من حق العم أن يجبركم على الخيارات الواردة في السؤال، بل أنتم من جملة الملاك، ويجب أن تأخذوا حقكم في البيت بحسب إرثكم من نسبة أبيكم من التركة. والابتعاد عن العم لا يعد قطع رحم، خصوصا إذا كان ظالما.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان أبوكم قد توفي بعد أبيه –كما هو مبين في السؤال- فإنه يكون أحد ورثة متروكه، الذي يبدو أن من جملته البيت موضوع السؤال. وبالتالي فله نصيب من ذلك البيت.

قال تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا. [النساء: ٧] .

وإذا لم يكن أبوكم قد تصرف في البيت تصرفا يخرجه عن ملكه حتى توفي فإن حصته منه تنتقل لورثته الذين هم أولاده وأمه وزوجته إن كان له زوجة.

وإذا تقرر هذا عُلم أن لكم نصيبا من البيت الذي هو في حوزة العم، وليس من حق أي جهة أن تجبركم على التنازل عن هذا الحق مقابل أي شيء.

وهذا القدر يتضمن الرد على جميع ما سألت عنه:

فليس من حق العم أن لا يضع أمامكم من الخيارات غير ما ذكرته، بل أنتم وهو تستوون في استحقاق البيت، كلكم بحسب نصيبه من التركة.

وليس له أن يدفع إيجار الأعوام الماضية لجدتك، ولا أن يُعامَل على أنه مؤجر عادي ...

لكن الذي يستطيع أن يحكم في جميع هذا ويرد الحقوق إلى أهلها، إنما هو القضاء الشرعي. وإذا كان العم يستند فيما يقوله إلى نظام جائر فإننا نحن لا نملك تغيير ذلك.

ثم إنكم إذا ابتعدتم عن عمكم وأردتم السلامة من ظلمه فإنكم بذلك لا تعتبرون قاطعي رحم مالم تقاطعوه فعلا،

فصلة العم واجبة ولو كان ظالما، لكن الصلة ليس معناها البقاء بجواره، بل هي تحصل بكل شيء يسمى في العرف صلة، كالزيارة والاتصال الهاتفي والكتابة والهدايا وغير ذلك ...

ونسأل الله العلي القدير أن يصلح أمورنا وأموركم ويهدينا جميعا إلى صراطه المستقيم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٠ محرم ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>