للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تحريم إعانة من يتعامل بالربا بأي وجه]

[السُّؤَالُ]

ـ[يملك أبي مبلغا من المال يضعه باسمي لأنه مسن ومريض وأنا التي أحضر له الفائدة كل عدة أشهر عن شهادات في البنك الأهلي المصري وقد سألت دار الإفتاء المصري عن حكم الفوائد فأفتوني أنها حلال وأبي يتمسك بأنها حلال ويأخذ بهذا الرأي، أما أنا فلا أستريح له، المشكلة أنني أعيش وأسرتي في شقة أبي وأنا التي أتولى الإنفاق عليه من هذه الفوائد ومن معاشه وهو لا يريد أن يتولى أحد من إخوتي هذا الأمر حيث إنهم كلهم يتبعون فتوى أنها حلال، أفيدوني فلا أريد أن أعق أبي ولا أريد أن آكل مالا حراما أو به شبهة ربا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأخذ الفوائد الربوية محرم بالكتاب والسنة، والفوائد الربوية في التعاملات التي تجري مع البنوك الربوية من ذلك فهي محرمة سواء كان ذلك عن طريق شهادات الإيداع أو الاستثمار أو غير ذلك من المسميات، ولا عبرة بقول من شذ من المعاصرين فأباح الفوائد الربوية، وفتوى أي عالم مهما كانت منزلته لا يمكن أن تحل ما حرم الله تعالى من فوائد البنوك الربوية، وراجعي في بيان ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: ٢٦٨٧٠، ٢٨٩٦٠، ٣٠١٩٨، ٣٠٥٤٣، ٦٢٧٦٧.

ولا تجوز إعانة من يتعامل بالربا بأي وجه من وجوه الإعانة، ومن ذلك ما تقومين به من إحضار الفوائد الربوية وتولي إنفاقها، لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه هم فيه سواء.

قال المناوي عن الكاتب والشاهد: واستحقاقهما اللعن من حيث رضاهما به وإعانتهما عليه. فيجب عليك التوبة من الإعانة على الربا.

وقد سبق بيان حرمة الإعانة على الربا في عدة فتاوى منها الآتية أرقامها: ٤٦٥٢٩، ٧٤٠٤٤، ١٠٦٢١٢، ١١١١٥٧.

فعليك أولاً بذل الجهد في نصح والدك بالتوبة من هذه المعاملات وسحب رأس ماله والتخلص من الفوائد الربوية بإنفاقها في مصالح المسلمين أو على الفقراء والمساكين، ويمكنه بعد ذلك أن يودع أمواله في أحد البنوك الإسلامية التي تلتزم بالضوابط الشرعية.

وإذا لم يستجب والدك لذلك فلا يجوز لك الاستمرار في إحضار الفوائد الربوية، وترك طاعة والدك في هذا الأمر ليس من العقوق فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لما رواه البخاري ومسلم عن عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: لا طَاعَةَ في المَعْصِيَةِ إنما الطَّاعَةُ في الْمَعْرُوفِ.

وراجعي ضوابط وجوب طاعة الوالدين في فتوانا رقم: ٧٦٣٠٣.

أما حكم التعامل مع والدك في ماله فحكمه حكم صاحب المال المختلط، ومعاملته مكروهة لا محرمة، فيجوز لك الأكل من طعامه وقبول هديته إلا إذا علمت أن ذلك من عين الفوائد الربوية.

ويمكنك أن تراجعي في ذلك فتوانا رقم: ٦٨٨٠.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ محرم ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>