للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تأملات في آيات من سورة الطارق]

[السُّؤَالُ]

ـ[أود منكم تفسير هذه الآيات في أقرب وقت ممكن ... فلينظر الإنسان مم خلق*خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب *إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر ... جزاكم الله عنا خيرا]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال أهل التفسير في تفسير الآية المذكورة: فلينظر الإنسان نظرة اعتبار وتفكر وتأمل من أي شيء كان خلقه، ثم بين الله تعالى ذلك بقوله: خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ وهو المني الدافق أي المصبوب في الرحم، والمراد ماء الرجل وماء المرأة، لأن الولد مخلوق منهما، وجعله واحدا لامتزاجهما، وهذا الماء يخرج من بين الصلب والترائب يعني صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام الصدر والنحر.

إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ أي إن الله سبحانه وتعالى قادر على بعث الإنسان وإعادته بعد الموت والفناء ...

يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ وهو يوم القيامة الذي تظهر فيه الحقائق وتنشر الخفايا. يقول سيد قطب رحمه الله تعالى في تفسير الظلال: فلينظر الإنسان من أي شيء خلق، وإلى أي شيء صار.. إنه خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، خلق من هذا الماء الذي يجتمع من صلب الرجل وهو عظام ظهره الفقارية ومن ترائب المرأة وهي عظام صدرها العلوية ولقد كان هذا سرا مكنونا في علم الله تعالى لا يعلمه البشر حتى كان نصف القرن الأخير حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية يتكون ماء الرجل وفي عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة حيث يلتقيان في قرار مكين فينشأ عنهما الإنسان والمسافة الهائلة بين المنشأ والمصير بين الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب بين الإنسان المدرك العاقل المعقد التركيب العضوي والعصبي والعقلي والنفسي هذه المسافة الهائلة التي يعبرها الماء الدافق إلى الإنسان الناطق توحي بأن هناك يدا خارج ذات الإنسان هي التي تدفع بهذا الشيء المائع الذي لا قوام له ولا قدرة ولا إرادة في طريق الرحلة الطويلة العجيبة الهائلة حتى تنتهي به إلى هذه النهاية الماثلة وتشي بأن هناك حافظا من أمر الله تعالى يرعى هذه النطفة المجردة من الشكل والعقل ومن الإرادة والقدرة في رحلتها الطويلة العجيبة وهي تحوي من العجائب أضعاف ما يعرض للإنسان من العجائب من مولده إلى مماته،

وفي هذه الآيات من إعجاز القرآن العلمي ما لا يخفى، وقد نقلنا طرفا من ذلك عن أهل الاختصاص في الفتوى رقم: ٣٨١١٨

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٠ ربيع الأول ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>