للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[أبوها يقاطعها حتى تعطيه مالا فهل تقترض بالربا لتعطيه]

[السُّؤَالُ]

ـ[أبي يقاطعني ويلزم بقية إخوتي بذلك، كما يحرم علي دخول البيت، أنا متزوجة منذ ٩ أشهر، وكنت أعطيته الشهرين الأولين للزواج ٢٠٠ د، لكن في الشهر الثالث لم أستطع أعطيته فقط ١٠٠ د (مع العلم أنه اشترط علي قبل الزواج ذلك وأنا وافقت مرغمة) .

المهم جاء إلى بيتي ورمى النقود علي وقال إنه ليس في حاجة إلي وإلى نقودي..الخ.

بعد مدة ذهبت أسترضيه وشرحت له أنني لم أستطع لذلك لم أعطه ٢٠٠. فلم يقبل الحديث إلي وطردني.

رجعت في عيد الأضحى لكن نفس الشيء. كانت في الأثناء أمي تكلمني خفية وإخوتي كذلك، لكن منذ شهر تقريبا أمي هاتفتني وقالت إنها لن تكلمني إلا إذا تصالحت مع أبي، والمطلوب أن أعطيه ١٨٠٠دينار (مجموع ٢٠٠ طوال الـ ٩ أشهر) لكي يرضى.

المشكل الآن أنا ليست لي القدرة على إعطائه المبلغ لأنه ليس في حوزتي، فكرت أن أقتني قرضا ربويا وأعطيه إياه، لكن فكرت أنني سأصلح خطأ بخطأ وأفتح مواجهة مع ربي؛ لأنه يتوعد آكل الربا بالحرب.

أنا حائرة أفتني يا شيخ، هل أبقى على هذا الحال وأبي لا يكلمني وكذلك أمي وإخوتي.

ماذا أفعل وهل أعتبر عاقة لوالدي؟ جز اكم الله خيرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أمرنا الله بالإحسان إلى الوالدين، وجعل ذلك من أعظم الفرائض بعد الإيمان بالله، ومن الإحسان إلى الوالدين، الإنفاق عليهما عند حاجتهما، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. المغني لابن قدامة ٦/٢٣٧

ولكن يشترط لوجوب الإنفاق أن يجد الابن ما ينفقه على والده زائداً عما يحتاج إليه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك. رواه مسلم في صحيحه.

مع التنبيه على أن المرأة المتزوجة تجب نفقتها على زوجها، ولا يجب عليها الإنفاق على زوجها ولو كان فقيراً.

فإذا كان والدك قد طلب منك هذا المال لحاجته إليه، وكنت قادرة على إعطائه، فقد كان الواجب عليك أن تعطيه، أما ما مضى من الأشهر فلا يلزمك سداد النفقة عنها، لأن نفقة الأقارب تسقط بفوات وقتها.

وأما إذا كان والدك غير محتاج إلى النفقة، فلا يجب عليك إعطاؤه، ولكن من الإحسان إليه وبره أن تعطيه، ما لا يلحقك ضرر بإعطائه، أما إذا كان في إعطائه ما يطلب ضرر عليك، فيمكنك الاعتذار له بلطف، ولا يضرك غضبه ولا تكوني بذلك عاقة له.

ولا يجوز لك بحال أن تقترضي بالربا لتعطيه ما يريد، فالربا من أكبر الكبائر ومن أسباب غضب الله ومحق البركة ومن السبع الموبقات، ويستحق صاحبه اللعن، وليس ثمة ضرورة تبيحه لك، وراجعي الفتوى رقم: ١٠٠٣٤٠.

وأما عن تصرف والدك بمنع أمك وأخواتك من كلامك، فهذا غير جائز، لما فيه من قطع الرحم، ولكن ذلك لا يبيح لك أن تقطعيهم، أو تقصري في برهم.

فإن ذهبت إلى والدك أو والدتك وإخوتك، فطردوك، أو كلمتهم فلم يردوا عليك، فلا إثم عليك، ولكن عليك بالمداومة على محاولة إرضاء والدك مع الاستعانة بالله عز وجل ودعائه.

وللفائدة راجعي الفتوى رقم: ٤٦٦٩٢.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢١ جمادي الأولى ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>