للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[قول العلماء في الحق الذي لا يمكن إرجاعه لصاحبه]

[السُّؤَالُ]

ـ[مشكلتي شيخي الفاضل تعود إلى أكثر من ست سنوات مضت، كنت دائماً والحمد لله الأول في دراستي في جميع مراحلها، إلى أن جاءت دراستي الجامعية وجاءت الامتحانات وكنت والحمد لله أؤدي أداءً جيداً، وبعد سنوات من الجد المتواصل تحصلت على معدل عال والحمد لله وتحصلت بذلك على منحة حكومية لأوربا وكان ذلك في سنة ٢٠٠١. وبعد ٥ سنوات من الجد والكد تحصلت على الدكتوراه في البيولوجيا بدرجة مشرف جدا والحمد لله. والآن أشتغل كباحث في جامعة أمريكية، وسأبدأ التدريس في إحدى جامعات بلدي العام المقبل إن شاء الله. وفي يوم من الأيام وفجأة تذكرت أني لما كنت في الجامعة ساعدت طالبة في امتحان من الامتحانات, ثم بدورها هي أعطت لي بعض الإجابات في امتحان آخر. لكن في نفس الوقت أعرف أني أنا الأول في الدفعة بشهادة الطلبة والأساتذة, وكان معدلي ١٥.١٢ من ٢٠ أما الثاني في الدفعة فكان معدله ١٤.٠٥ من ٢٠. إذ حتى لو تحصلت على علامة ٠ من ٢٠ في ذلك الامتحان لكنت أنا الأول في الدفعة أيضا, ولكن ما يؤرقني هو أن منحة الدراسة أعطيت لأكبر معدل بين ٧ جامعات. فأنا متيقن من أني الأول في جامعتي, لكنني لا علم لي بالنسبة للجامعات الست الأخرى. علما أننا لم نكن نعلم بوجود المنحة الحكومية لما وقعت تلك القصة في الامتحان. المشكلة إني أعرف جيداً أن ما بني على باطل فهو باطل، لكن المشكلة أنني طالب مجتهد وأنا الأول في الدفعة بالنسبة لجامعتي والكل يشهد باجتهادي والكل يسألني ويطلب دروسي وملخصاتي, وكنت قد صححت لأستاذي كل الأخطاء الواردة في كتابه لما كنت في السنة الثانية جامعي, وسأقوم بتدريس نفس المقرر إن شاء الله. فضيلة الشيخ: أود من حضرتكم الرد على هذا السؤال لأنني أخاف أن آكل من حرام فأهلك في آخرتي، وإنني أفكر مليا في هذا الأمر, والغريب أني لم أفكر في هذا الموضوع إلا منذ شهرين, أي بعد أكثر من ٦ سنوات من تلك الحادثة رغم أني والحمد لله أفكر دوما فيما أفعل وأقوم بعباداتي بانضباط منذ صغري. لا أعرف ماذا أفعل. حياتي أصبحت جحيماً بسبب هذا الموضوع. إن التوبة تجب ما قبلها، ولكنني أعرف من شروط التوبة رد المظالم إلى أهلها، ولكنني لا أعرف هل ظلمت أحدا أم لا في الجامعات الأخرى, رغم كوني الأول في جامعتي, وأعرف أكثر من أي شخص آخر أني كفؤا لهذه المنحة. وهل المنحة التي تحصلت عليها ليست من حقي, وما حكم راتبي الذي أتقاضاه أثناء شغلي كدكتور في الجامعة. وجزاكم الله كل خير.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن ما فعلته من غش من زميلتك في الامتحان محرم، كما أن إعانتك تلك الفتاة على الغش محرم أيضا؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان والمكر والخداع، والغش في الامتحانات كالغش في غيرها من المعاملات، فيه ما فيه من الإثم، ومن خيانة الأمانة كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا فليس منا.

وحيث إنك تبت إلى الله تعالى مما صدر منك من الغش، فنرجو ألا يكون عليك حرج وأن يعفو الله عما سلف، فإنه كما أخبر عن نفسه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وأما ما تأخذه من راتب مقابل التدريس في الجامعة فإن قمت بأداء عملك كما هو مطلوب فهو حلال، وأما المنحة التي حصلت عليها ولا تدري هل الأولى بها أنت أو غيرك؟ فلو فرضنا الاحتمال الثاني فإنه من الحق الذي لا يمكن إرجاعه لصاحبه وفي نظير هذه الحالة يقول العلماء: الواجب الإكثار من الأعمال الصالحة والاستغفار والصدقة حتى إذا استوفي الحق لصاحبه يوم القيامة من لدن عليم خبير كان لك من الحسنات ما تؤدي به ما عليك.

وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٢٩٣٧، ٥٣٤١٨، ٦٦٧٢٤، ١٠٤٢٣٢، ٢٥٢٧، ٣٠٥١.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ رجب ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>