للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[على نفسها جنت]

[السُّؤَالُ]

ـ[أعرف أن سؤالي قد سئل عنه عدة مرات ولكنني أحس أنني في وضع غير مشابه، وحكايتي هي لقد تزوجت من شاب زواجا عرفيا ولكن دون ولي أمري فقط شهود ومأذون واتفقنا أنا وزوجي أن يبقى الموضوع سرا حتى يستعين بنفسه ويتكل على نفسه ولا يريد أن يعرف أحدا في هذا الموضوع بتاتا وجاء لي بالمصحف لأحلف عليه أنني لن أقول لأحد وإن سمع أني تكلمت لأحد في هذا الموضوع وخاصة إلى أهله سوف يطلقني طلاقا لا رجعة فيه وهو من عائلة شبت على وجه هذه الدنيا من جديد وأصبحوا من أصحاب الأغنياء في ليلة وضحاها إذ أرسلوا أولادهم إلى بلاد الغربة وهناك كانوا يبعثون اليهم الفلوس وهكذا أصبحوا أغنياء وفتح مشروع لولدهم الذي أنا متزوجة منه فهم أصحاب مال كثير ويريدون أن يتزوج ولدهم على رغبتهم أي من صاحبة أموال وجمال وهو لا يريد رأي أهله في هذا الموضوع ولا يوافقهم فهو يريد أن يختار بنفسه شريك حياته والحمد لله أنا لست فقيرة ولكن من وضع جيد ومن عائلة محترمة ومحافظة وأنا متدينة جدا والحمد لله وكنت أعمل معه وأعجب بي كثيرا وطلبني للزواج فورا دون أي حب أو كلمات منمقة فقلت في نفسي أنه يريد الحلال ولايريد أن يتسلى ولكن لظروفه وقفت إلى جانبه وساندته كثيرا كثيرا من حيث الإمكانات المادية والمعنوية إذ حملت كافة الأعباء على ظهري وكل المسؤوليات وقلت إن نهاية الصبر الفرج إن شاء الله فلقد كنا نتقابل في نفس مكان العمل ليعاشرني وكنت خائفة جدا أن يدخل أحد زملائه أو زبنائه المكتب ويشكون بي شكوك سوء أخلاق وقلت له يستأجر لي بيتا وكان يعاني من ظروفه وبقيت على هذا الحال أتحمل مسؤولية العمل لوحدي وهو لا يهتم في كامرأة فكنت مهملة تماما وهنالك شهود على هذا الموضوع وحزت في نفسي وقال لي إن أهله لم يرضوا في لأنني أعمل معه وهم يريدون الأفضل والأجمل والأصغر ومضطر أنه يوافقهم ويتزوج ممن يختاروها هم ليرضيهم ويجعلني فيما بعد الزوجة الثانية ووافقت على هذا الموضوع خوفا منه أن يتركني وأنا في هذا الوضع ووعد أنه لن يتركني أبدا وأنه يحبني جدا لأنني وقفت في جانبه وتحملت مشاق العمل والزواج الذي لم يكن سوى بالاسم وعندما يحتاج هو إلي واستمر زواجي هذا مدة ٣ سنوات أعاني وأبكي في الليل لما حصل لي وأقول رب اجعل لي مخرجا فأنا أحبه كثيرا ولا أريد أن أخسر حياتي وأجلب العار إلى أهلي فلقد أخطات ولكن ما علي إلا الصبر، وفي هذه الأثناء علم أخواته البنات أنني مقربة إلى أخيهم كثيرا فطرحوا علي ما رأيك في أخينا فهو يحبك جدا ونحن نعلم أنه لا يستطيع أن يتركك فهو متعلق فيك جدا وللأسف صدق هذا الكلام لأنه هو فعلا قاله لهم ولكنهم استغلوا هذه الفرصة لأخبرهم عن علاقتي بأخيهن وماهي حجمها وفعلا أخبرتهم بالحقيقة التي لم أقلها إلا لأخواتي وفرضت أنهن سوف يساعدنني في مهمتي وأخبرتهن أنني موافقة أن يتزوج من أخرى لكي يتركوني معه،ولكن حصل ما لم يكن بالحسبان إذ بدأوا يهددون أخاهم أن يتركني أو يكلموا أهله في هذا الموضوع ويطردوه من البيت وتغضب عليه أمه المريضة وبدأ الصراع بيني وبينه إذا كان يحلفني أن لا أقول لأحد وأنا التي خربت بيتي بيدي وأصر أن يطلقني لأنه أخبرني أن لا يعلم أهله بموضوعي وهو محذر لي بعدم القول وأنا التي أخبرتهم بنية حسنة على أنهم سوف يساعدونني وهكذا حلف علي اليمين وقال أنا لا استطيع أن أترك أهلي ولأنني كسرت له كلمة ترجيته كثيرا وبسطت أيدي وقلت أنا فعلت هذا لأنني لم أستطع التحمل وأنا غلطت وأريد أن أصلح غلطتي وأن أبقى خادمة عنده فقط لا يطلقني وأنا أبقى في سر مدى الحياة ولا علي أن أبقى، أما أهلي يعلمون بهذا الموضوع وذهبنا إلى دار الإفتاء وقلنا لهم الموضوع بكامله إلى فضيلة الشيخ وقال للشيخ أنه يحبني كثيرا ولا يجدا أكفأ مني للعيش معه ولكن هو لا يستطيع حمايتي من أهله وخوفا على غضبهم سوف يطلقني وأجابه الشيخ أنه حرام وأنني لم أفعل شيئا ليفعل بي هذا ولكنه قال لي شيئا هزني أن ما جاء برخيص يذهب برخيص وهكذا خرج من دار الإفتاء أنه حرام وكنت أبكي بشدة وأصبح معي انهيار عصبي وذهبت إلى مستشفى ٤ ليالي وكان هو بجانبي ورأى وشاهد وعندما صحوت من الانهيار قليلا خوفا على أهلي فاذا به يتصل بي على الهاتف ليخبرني أنه يحبني وأنا طالق وصدمت من أخرى أخرى على هذا القرار إذ لم يفكر بي ماذا سوف يحل بي وفكر في نفسه فقط وعلم والدي بالموضوع وعلمت والدتي أيضا وأصرت أكثر على طلاقي إذا لم تكن تريدني أصلا ولأنه فعل هذا من وراء ظهرها وتعلق كل واحد مع أسرته إذ غضب مني أهلي وسألوا أحد الشيوخ وقال لأبي أن زواجي محرم وغير شرعي إذ لم يكن لي ولي أمر عند العقد وهكذا أصبحت في نظر والدي وإخوتي الزانية وهم لا يكلمونني وأنا دائما في انهيار وبكاء على ما فعلته بهم واستمرار في الترجي له على ألا يتركني في هذا الوضع ولكن دائما يقول إنني كسرت له كلمة ولا يستطيع أن يترك أهله.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما تعانيه الآن من آلام نفسية وإهانة للكرامة على يد هذا الشاب، ومن الكراهة والبغض من أهله هو نتيجة متوقعة لتصرفاتك الطائشة التي لم تراع فيها الدين ولا حتى كرامة أهلك وتدنيس أعراضهم بهذا العمل الذي قمت به. فلم تتقي الله تعالى في نفسك وأهلك فيجعل لك فرجا من الضيق وييسر لك أمرك، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرا {الطلاق: ٤} . وقال: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً {طه: ١٢٤} .وعلى كل فإن زواجك من هذا الشاب بالطريقة التي ذكرت يعتبر زواجا باطلا لفقده شرطا من شروط النكاح وهو الولي على الصحيح من أقوال العلماء لقول النبي صلى الله علي وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه أحمد، ولقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بدون إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل. رواه أحمد والترمذي، وراجعي الفتوى رقم: ٥٨٥٥. والفتوى رقم: ٧٧٠٤. وعليه فالزواج أصلا يفسخ عند الجمهور من أهل العلم، فإذ فسخ أو طلق الزوج فيه فلا مانع مستقبلا أن تتزوجي به بعد انتهاء مدة الاستبراء وهي حيضة، وبعد إذن الولي. وتراجعي الفتوى رقم: ٣٣٩٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ رجب ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>