للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[وجوب الوفاء بالنذر لغير العاجز]

[السُّؤَالُ]

ـ[نذرت الخروج في سبيل الله ٣ أيام إذا نجحت وأعطاني ربي مرادي، فهل يجوز أن أبدل الخروج بالصوم ٣ أيام، فأرجو الرد؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن النذر لا يأتي بشيء لم يقدره الله تعالى، ولذا فينبغي للأخت السائلة أن تعلم أنه إن كان الله عز وجل قد قدر لها النجاح فإنها ستنجح سواء نذرت أم لم تنذر، وإن لم يكن قد قدر ذلك فلن يفيدها النذر شيئاً، أما عن حكم ما يلزمها الآن، فإن كانت تعني بالخروج أن تخرج للتعلم والتفرغ لعبادة الله تعالى والدعوة إليه ولم يترتب على ذلك محظور من تضييع حق واجب أو ارتكاب محرم، فالظاهر أن عليها أن تفي بنذرها حسبما نذرت، ولا يجوز لها العدول عنه إلى الصيام ولا غيره، فإن منعها منه مانع يرجى زواله فهو في ذمتها عليها الوفاء به عند ما تتمكن من ذلك، وإن لم يرج زواله فإن عليها كفارة يمين لحكم العجز، وإليك كلام الفقهاء في هذا الموضوع.

قال ابن قدامة في المغني في معرض كلامه عن العجز عن الوفاء بالنذر: وإن عجز لعارض يرجى زواله، من مرض، أو نحوه انتظر زواله، ولا تلزمه كفارة ولا غيرها لأنه لم يفت الوقت، فيشبه المريض في شهر رمضان، فإن استمر عجزه إلى أن صار غير مرجو الزوال، صار إلى الكفارة والفدية. انتهى.

وقال أيضاً: وجملته أن من نذر طاعة لا يطيقها، أو كان قادراً عليها، فعجز عنها، فعليه كفارة يمين لما روى عقبة بن عامر قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيته، فقال: لتمش، ولتركب. متفق عليه. ولأبي داود: وتكفر يمينها. وللترمذي: ولتصم ثلاثة أيام. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نذر في معصية الله، وكفارته كفارة يمين، قال: ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين. رواه أبو داود. وقال: وقفه من رواه عن ابن عباس، وقال ابن عباس: من نذر نذراً لم يسمه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً يطيقه فليف الله بما نذر. انتهى.

وفي الموطأ عن مالك رحمه الله تعالى أنه قال: الأمر عندنا في نذر المرأة أنه جائز عليها بغير إذن زوجها يجب عليها ذلك ويثبت إن كان ذلك في جسدها، وكان ذلك لا يضر بزوجها، وإن كان يضر بزوجها كان ذلك عليها حتى تقتضيه. انتهى.

قال في المنتقى عند شرحه لهذه العبارة: وأما ما يتعلق بجسدها كالصلاة والصيام والحج، فإنه على ضربين: أحدهما: أن يضر بالزوج ككثير الصيام والحج. والثاني: لا يضر به كصلاة ركعتين وصيام يوم، فإن كان ذلك يضر بزوجها منعها منه لأن حقه قد تعلق بالاستمتاع بها، فليس لها أن تأتي بما يمنع منه، ولكن ذلك يبقى بذمتها حتى تجد إلى أدائه السبيل، وإن كان ذلك مما لا يضر بالزوج كان لها تعجيل فعله، ولم يكن للزوج منعها منه. انتهى. وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٣٤٢٤٥، ٤٧٩٧٤، ٥٥٠١٩.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ رجب ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>