للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[القسمة إذا حصلت بالتراضي صحيحة ماضية]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو أن يتسع صدركم وتفيدوني عن حكم الدين في هذه المسألة عن الميراث

نحن ٧ أخوة ذكور من أب واحد وأم واحدة وأنا أصغر الإخوة وعمري الآن ٣٥ سنة وأخي الأكبر عمره ٥٢ سنة تقريبا ووالدي كان يعمل بالزراعة وكان يملك تقريبا فدان أرض وحرم أخي الأكبر من التعليم لمساعدة والدي ثم ذهب أخي الثاني إلى كتاب القرية ولكنه لم يكمل أيضا وكذلك أخي الثالث وجاء أخي الرابع فأتم دراسته وتخرج من كلية التجارة وتعين مأمور ضرائب ثم أخي الخامس تخرج من كلية الحقوق وعمل بالمحاماة وأخي السادس لم يتم تعليمه وخرج مبكرا برغبته وأخيرا أنا تخرجت مهندسا وتوفي والدي في سنة ١٩٩٦ وكنا جميعا نسكن في بيت واحد وتزوج أخي الأكبر ثم ذهب للعمل بإحدى الدول العربية وذهب أخي الثاني إلى إحدى الدول العربية أولا ثم تزوج بعد ذلك. المهم أننا كنا جميعا متعاونين ولم يترك أحد بدون عمل فكان من يشب ويقدر على العمل لا يقصر كعادة بلاد الصعيد الريفية حتى أن أخي بعد تخرجه من الجامعة ذهب أيضا للعمل بالخارج وأنا كذلك شاركت منذ الصغر في الزرع مع إخوتي حتى أنني في الثانوية العامة وجدت نفسي في البيت لوحدي مسؤولا عن مصالح البيت والزرع حيث كان والدي قد كبر في السن ولا يعمل إلا القليل مما أثر بعض الشيء على دراستي وللحقيقة أن إخوتي جميعا لم يقصروا معنا نحن المتعلمين من مال أو ملبس أو كل ما نحتاجة وزادت أرضنا وأصبح معنا قرابة أربعة أفدنة بالبلد ومزرعة قرابة ٢٥ فدان في الصحراء واشترينا عمارة مكونة من خمسة أدوار والحمد لله كانت قلوبنا على بعض ولا زالت فكان منا الذى يعمل بالخارج يأتى بكل ما لديه ويصب في البيت والموجود في البيت يرعى مصالح البيت والدخل كله في البيت وكذلك كان يرعى أسرة إخوته تماما كما يرعى أسرته وحتى بعد وفاة والدي استمررنا على هذا الحال لفترة حوالى ٧سنين ثم بدأت تدب الخلافات مع أخي الأكبر وقرر أن يأخذ ميراثه ويعزل منا ولكن فجر مفاجأة لم يذكرها أحد قبل ذلك وهي أن المتعلمين ليس لهم نصيب في العمارة ويأخذها الآخرون نظير مرتبات المتعلمين ومع الضغط ونتيجة الحب المتبادل تركنا له ربع العمارة على الرغم من أن إخوتي الآخرين غير المتعلمين استكثروا ذلك ولكنهم لم يرفضوا مبدأ الزيادة وطالبوا بزيادة أقل من ذلك وهي زيادة فدان في أرض الجبل ثم قسمنا كل شيء على هذا الأساس ثم بعد فترة رجعوا وألغوا الزيادة ولكن تم خصم زيادة نصيب أخي الأكبر من الثلاثة المتعلمين فقط وبعد مدة من عزل أخي الأكبر قمنا بتقسيم كل شيء كما تم الاتفاق عليه وكل واحد أصبح على حاله وكنت أنا الآن لم أتزوج وساهم إخوتي جميعا في زواجي حتى أخي الأكبر الذي عزل منا منذ فترة وقمت بعد ذلك بترك نصيبي المتبقي من العمارة إلى إخوتي الأربعة غير المتعلمين رغبة مني لا ضغطا من أحد حتى تستمر العلاقة بيني وبين إخوتي على أحسن حال ولأني أحسست أنهم ما زالوا غير راضين وانتهى الأمر على ذلك ولكن إلى الآن أحس أن إخوتي غير راضين ويقولون بالتصريح أو التلميح أنهم ضيعوا شبابهم وهم الذين عملوا كل شيء لدرجة أنى شككت أن أكون قد أخذت ما ليس لى بحق مع أنني شاركت معهم في العمل من قبل دخولي المدرسة وكنت أعمل في أرضنا حتى أثناء الدراسة. طبعا لم أدر دخلا مثلهم ولكني لم أقصر ثم إنه لم يطلب أحد منهم أن يستقل بنفسه ويترك إخوته ووالديه وأحد منعه ولم يأت أحد منهم بمال وقال هذا لي خاصة ولم تظهر أي تفرقة إلا عندما أراد أخي الأكبر أن يستقل ببيته وأسرته؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا هل أخذت ما ليس لي بحق، وما حقي الشرعي.

جزاكم الله خيرا وأعتذر جدا على الإطالة]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمتم قد قسمتم كل شيء وتم الاتفاق على ذلك برضاكم جميعا وفي حال أهليتكم للتصرف فإن هذه القسمة ماضية وصحيحة شرعا لأنها حصلت بالتراضي والاتفاق ولو كان حصل فيها غبن أو ما أشبه ذلك، وقد سبق بيان أنواع القسمة في الفتاوى التالية أرقامها فنرجو أن تطلع عليها: ٤٦٣٨٠، ٤٨٧٧٢، ٥١٩٢١، ٦٣٤٤٥، ٦٣٤٥٩، ٦٦٥٩٣، ٦٨٢٩١.

ولذلك فالظاهر أن ما حصلت عليه من هذه القسمة هو حقك الشرعي، وقد أحسنت عندما تنازلت لصالح إخوانك عن نصيبك من العمارة، والذي ننصحك به بعد تقوى الله تعالى هو المحافظة على صلة إخوانك وإصلاح ما بينهم وإزالة كل ما يؤدي إلى فساد ذات البين، فقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ {الأنفال: ١} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١١ شعبان ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>