للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسائل متعددة في المعاملات]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا أعمل وكيلا لأعمال شركة يملكها شخص واحد وأنا أقوم بمتابعة أعماله في بلد آخر, وعندما بدأت العمل معه لم أتفق معه على أي شروط للعمل أو الراتب، والشركة تعطيني راتبا محددا كل شهر. كما أنني ومن خلال وجودي في هذا البلد الأجنبي الذي أعمل به تعرفت على رجل أعمال آخر وكنت أقوم بالعمل معه مع عدم معرفة الشركة التي أعمل لديها بهذا الأمر, مع العلم أن هذا التاجر يعمل في نشاط آخر غير نشاط الشركة التي أعمل لديها، ومن خلال عملي بالشركة التي هي نشاطها الأساسي الاستيراد في بعض الأحيان أعطيهم أسعارا أعلى من الأسعار التي حصلت عليها من المصنع, وهم يوافقون على الثمن الذي أعطيه لهم مع عدم علمهم أنني قد تربحت من وراء هذا، علما بأنني لا أفعل هذا مع التاجر الآخر الذي ذكرته حيث إنني قد اتفقت معه على مبلغ معين مقابل ما أؤديه له من عمل وقد عاهدته ألا آخذ أكثر من هذا دون علمه. وقد اختلطت الأموال التي أجمعها من راتبي بالشركة والعمولات التي أكسبها دون علمهم والأموال التي أكسبها من عملي مع رجل الأعمال الآخر وقد اشتريت بهذه الأموال أراضي وعقارات ازدادت قيمة هذه العقارات مع مرور الزمن. الأمر الآخر أن عملي مع الشركة التي أعمل لديها يقوم على المنتجات المقلدة فعند استلامهم للبضاعة التي أرسلها لهم يقومون بإضافة الماركات العالمية عليها وأيضا بلد صنع غير الذي صنعت فيه. أنا لا أعلم هل عملي معهم حرام؟ وهل راتبي من عملي هذا الذي أتقاضاه منذ سنين حرام؟ وهل الربح الذي أكسبه من زيادتي لأسعار المنتجات عليهم بعض الأحيان حرام؟ وهل عملي وتكسبي مع شخص آخر دون علمهم حرام؟ وماذا أفعل وقد اختلطت الأموال جميعا في صورة أصول وقد ازدادت قيمتها جميعا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد جمعت أيها السائل في سؤالك بين عدة أمور نوضحها لك في النقاط التالية:

١- يجوز عملك مع الشخص الآخر إذا كان مجال عمله مباحاً ولا يشترط موافقة الشركة الأخرى على هذا العمل، إذا كان عملك معه مما لا يضر بعملك مع الشركة، وكان خارج وقت عمل الشركة.

٢- الراتب الذي حصلت عليه مقابل عملك مع هذه الشركة فهو من الكسب الحرام، لأن المتاجرة بالمنتجات المقلدة حرام شرعاً؛ لأنه تعد على حق الشركات في العلامة والاسم التجاريين، وهما حقان ماليان معتبران، كما أن في ذلك غشا للمشترين، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: ٧٣٥١٢، ورقم: ٧٦٧٩٣، وعلى هذا فالواجب عليك هو أن تقوم بحساب هذا المال الحرام الذي حصلت عليه ثم تتخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين، ويجب عليك أن تنصح القائمين على أمر هذه الشركة بترك العمل في هذا المجال المحرم، والتوبة من هذا الكسب الحرام.

٣- المال الذي حصلت عليه من ربح نتيجة زيادة أسعار المنتجات على الشركة فهو كسب حرام؛ لأنك وكيل لهذه الشركة بأجر، ومبنى الوكالة على الأمانة، كما أن إخبارك لهم بأسعار أزيد من الأسعار الحقيقية غش وخداع وهما محرمان، فالواجب عليك رد هذا المال لأصحاب الشركة لأنهم لم يرضوا بإعطائك إياه بطيب نفس منهم، وإن علمت أن كل أموال هذه الشركة من الكسب الحرام فتخلص من هذا المال في مصالح المسلمين.

٤- ما ترتب على المال الحرام الذي كسبته من ربح أو زيادة في القيمة فيجوز لك الانتفاع به، فإن حكم الأرباح التي تم الحصول عليها من المال المأخوذ بغير حق قد اختلف فيه العلماء، فعلى مذهب الحنفية والحنابلة يلزم التخلص من كل المال (رأس المال والربح) ، وعلى مذهب المالكية والشافعية يلزم التخلص من رأس المال فقط دون الربح، وهذا القول الأخير هو الأقرب إلى الصواب والأنسب بالقواعد والمقاصد الشرعية. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: ٥٠٤٧٨.

٥- الواجب عليك هو التوبة مما اقترفته من أكلك لهذه الأموال الحرام، والتخلص منها بإنفاقها في مصالح المسلمين، والتوبة النصوح هي المشتملة على: الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، مع رد المظالم إن كان عند التائب مظالم للناس من دم، أو مال، أو عرض، أو استحلالهم منها، أي: طلب المسامحة منهم. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: ٤٦٠٣.

وننصحك أيها السائل بالمبادرة إلى التوبة قبل حلول الموت، وننصحك بالإكثار من الطاعات والصدقات فإن الحسنات يذهبن السيئات، نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ شعبان ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>