للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[إهمال حقوق الزوجة المادية والأدبية والجنسية ظلم مبين]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا سيدة متزوجة من ١٠ أعوام من أول أيام الزواج وأنا مدركة أن هناك مشكلة تؤرق زواجنا ولكن بحكم خبرتي القليلة لم أنتبه إليها فمنذ الليلة الأولى أحسست بالصعوبة التي يعانيها زوجي عند المعاشرة ولكن لم أعرها أي اهتمام هذه بالإضافة إلى المشاكل الأخرى التي أواجهها نتيجة إهمال زوجي وعدم مبالاته فمنذ زواجنا وهو مهمل بشكل غير طبيعي ولم يكن يملك حتى ثمن سيارة وساعده في ذلك أننا كنا نعيش مع عائلته وبعد إصراري وبعد معاناة طويلة وبعد مد يد العون إليه ماديا ومعنويا أصبح زوجي يهتم بالعمل بطريقة غير طبيعية وخلال هذه الفترة من الله علي بطفل ملأ حياتي وأنساني إهمال زوجي الذي لم أكن أعلم سببه أصبح هم زوجي الأول والأخير هو العمل صباحا ظهراً مساءاً منتصف الليل لدرجة أنني لا أراه وإذا تذمرت أجاب بأنه يعمل من أجلنا وبالفعل تغيرت حالة زوجي من لا شيء إلى رجل ثري يملك عقارات وأموالا وأنا في بادئ الأمر ساعدته بكل ما أملك سواء من كفالات أو من صرف على البيت وعلى الطفل لدرجة أني لم أكن آخذ من زوجي ريالاً واحدا بحجة أنه يكون نفسه لكن خلال هذه الفترة ظهرت مشكلة جديدة وهي المعاشرة فبعد ٣ سنوات من الزواج بدأت المشكلة التي انتبهت إليها خلال الأيام الأولى للزواج بدأت بالبروز فأصبح زوجي غير قادر على معاشرتي فمرت الأيام الأولى وأنا أعطي الحجج والأعذار لزوجي فربما يكون مرهقا من العمل وربما حالته النفسية غير مطمئنة خاصة أنه خلال هذه الفترة كثرت مشاكلنا والتي كان سببها الأساسي هو الإهمال وترك صرف البيت والطفل على مسؤوليتي بالكامل ولكن مع الأيام قررت أن لا أجعل المسائل المادية تدمر حياتنا فقررت أن أستمر بالصرف على طفلي وعلى نفسي دون أن أطلب المساعدة منه حتى أحافظ على بيتي مع أن حالة زوجي المادية تتطور بشكل كبير استمرت الحال هكذا وجميع محاولات المعاشرة تبوء بالفشل لأن زوجي غير قادر وكنت أبكي بعد كل محاولة وأخفي بكائي عنه حتى لا أحسسه بالإحباط وأصبح يتهرب مني فإما يعود إلى المنزل بعد ما أنام أو لحظة دخوله البيت يقول أنا تعبان جدا اليوم ويجب علي النوم سريعا وتفاقمت المشكلة مع الانتقال إلى بيت جديد فأصبح ينام في غرفة خاصة به وعندما كنت أطلب منه النوم معي كان يعتذر بأن نومه وحيدا أريح وغيرها من الأمور وأيقنت عندها أن زوجي يعاني من مشكلة جنسية لكن في نفس الوقت يضع جل اهتمامه بالعمل والمال ويعود إلى البيت ليغلق غرفته عليه وإما أن يكون نائما أو يتحدث بالتلفون أو يتصفح الإنترنت حاولت التقرب منه كثيرا وكنت مدركة تماما أنه يخفي الكثير عني ولم أكن أعلم ما هو لكن حبي لبيتي وطفلي كان يمنعني من اختلاق المشاكل إضافة إلى خوفي من أن أجرح شعوره لو تكلمت من الناحية الجنسية وعن المعاشرة وأحيانا كنت أحاول فتح الموضوع معه فكان يتهرب مني أو كان يضع اللوم علي لأسباب تافهة وغير مقنعة كأن يقول إن جسمك تغير منذ الزواج مع أن هذا الكلام غير صحيح فمن قبل الخطوبة وهو يعرف أنني ممتلئة وخطبني بحالتي هذه وبعض الأحيان يقول إن مشاكلنا هي السبب وأحيانا أخرى يقول ليس لدي رغبة في وغيرها من الأعذار التي لم تكن مقنعة بتاتا واستمرت الحال بيينا هكذا ولم يلمسني زوجي لمدة سبع سنوات في بيت واحد لكن بدون معاشرة وهمي الأول والأخير أصبح طفلي وعدم جرح شعور زوجي مع أن مشاعري كانت تجرح كل يوم مع كل سؤال أتلقاه من أهلي أو من أهل زوجي عن أسباب عدم الإنجاب. وبعد سبع سنوات أتفأجا من زوجي يخبرني بأنه سيتزوج!! كيف لا أعلم؟؟؟؟؟

وأنا من أنتظر سبع سنين لعل الله يحل مشكلتي معه لم يعرني أي اهتمام وأنا مدركة وعلى يقين أنه يعاني من مشكلة جنسية وسبحان الله فالله أراداني أن أكون على علم بأنه يعاني فعلا من مشاكل فآخر الأيام كنت أرى مقصوصات من جرائد لمستشفيات علاج العقم والذكورة كنت أراها مرمية في سلة المهملات في الغرفة الخاصة بزوجي وأصبحت أرى علبا فارغة لأدوية مختلفة وعندما كنت أستفسر عنها سواء من الإنترنت أو من الصيدلاني كانت عبارة عن أدوية منشطات جنسية مثل حبوب الفياجرا والحبوب الصفراء المنشطة وغيرها

كل هذه دلائل على عجز زوجي فلم أكن أشتكي ولم أكن أتذمر وتركت الأمر وجعلت همي في بيتي وطفلي حتى أهلي لم يعلموا بالأمر وأصبح الموضوع في طي الكتمان وسر زوجي لا يمكن أن أبوح به والدليل علاقة أهلي بزوجي كانت ممتازة بعد هذا كله أفاجأ بزوجي يتقدم للزواج بغيري؟؟؟!!!!! أين ذهبت تلك السنون التي قضيتها في الانتظار؟ سبع سنوات لم يرها ولم ير معاناتي وأنا أصبر وانتظر لعل الله يمن عليه بالشفاء

خلال السبع سنوات لم يفكر بالعلاج والآن بعد أن فكر بالزواج بأخرى أصبح يتعالج؟؟؟ أصبح يريد أطفالا وكأن مشكلة الأطفال كانت مني؟؟؟ وتفأجات بأنه كان يقول لأهله إن السبب في عدم الإنجاب مني وأني كنت أعالج ولكن بدون فائدة وربما السبب يعود لعدم حملي كما يقول لزيادة الوزن!!!!!!!!!!! مع أني سليمة ولله الحمد تماما مما يقول وكنت دائما ما أجيب بالصمت لو أحدا سألني عن الإنجاب أو أجيب بأن الله لم يكتب لي حتى الآن ولم أكن أضع العيب في زوجي أرجوكم أنا الآن في قمة الانهيار فسنواتي السبع في الانتظار ضاعت ولدي إحساس أن السنوات التي صبرتها لله اعتقادا مني بأن زوجي يستحق هذا الصبر لكن للأسف لم يستحق سنوات العذاب التي عشتها وتركني ولا أدري حتى الآن كيف سيكون قادرا على الزواج وهل فعلا العلاج أعطى نتائج أم لا؟ ما هو الحل؟ هل أطلب الطلاق؟ أم هل أستمر مع زوج خائن لم يقدر صبري ولم يقدر حفاظي على أسراره؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحق المرأة الوفية كحال هذه السائلة التي صبرت كل هذه الفترة على ضعف زوجها في جانب العشرة الزوجية وإهماله في حقوقها وولدها المادية، وحفظت سره فلم تبح به لأحد وراعت مشاعره فلم تجرحه، واحتملت الصبر على ما فطره الله فيها وفي كل البشر من الغريزة الجنسية منتظرة الفرج من الله، حقها أن تكرم ولا تهان، وأن تصان ولا تمتهن، وأن يُعرف لها قدرها ويقدر لها موقفها وصبرها وتضحيتها.

ونقول لها: هوني عليك وأبشري، إن صبرك كل هذه السنين لن يضيع إن شاء الله، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وسيجزيك عليه، وجزاء الخالق الكريم خير من جزاء المخلوق البخيل إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر: ١٠} .

ولا يجوز للزوج إهمال معاناة زوجته، فقد كان عليه طلب العلاج، وكان عليه إكرام زوجته وإجلالها ومعاملتها بإحسان، ومكافأة صنيعها وعدم التفريط فيها، فإن الحصول على مثل هذه الزوجة صعب المنال، وربما يعرف قدرها عند الزواج بالثانية، فإنه قلما تصبر امرأة كل هذه المدة، وتضحي كل هذه التضحية، ولا يجوز له الكذب على زوجته وإلقاء اللوم عليها في عدم الإنجاب في حين أنه هو الملوم، فإن ذلك من الأخلاق الذميمة البغيضة إلى الله عز وجل.

وأما عن ما تفعله تجاه هذا الزوج نقول: فما فعلتِه خلال الفترة السابقة -من صبر على عجزه الجنسي والإنفاق على نفسك وولدك- فضل وإحسان تثابين عليه إن شاء الله.

وليس واجباً عليك الإنفاق على نفسك وولدك، فإن نفقة الأولاد والزوجة واجبة على الرجل، ولا يجب على الزوجة الإنفاق على نفسها، ولو كانت غنية، قال الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ {الطلاق: ٧} .

وأما في زواجه من أخرى فليس لك حق منعه أو الاعتراض عليه، لأن الله عز وجل أباح له ذلك، غير أن لك مطالبته بحقوقك كاملة من بيت خاص بك، ومن عدل في المبيت والنفقة والكسوة وغيرها، ولا ننصحك بطلب الطلاق إذا كنت غير متضررة بالبقاء في عصمته.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ ذو القعدة ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>