للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[شبهة وجوابها حول دعاء الاستخارة]

[السُّؤَالُ]

ـ[دعاء الاستخارة: عن جابِرٍ رضيَ اللَّه عنه قال: كانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ في الأُمُور كُلِّهَا كالسُّورَةِ منَ القُرْآنِ، يَقُولُ إِذا هَمَّ أَحَدُكُمْ بالأمر، فَليَركعْ رَكعتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفرِيضَةِ ثم ليقُلْ: اللَّهُم إِني أَسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأستقدِرُكَ بقُدْرِتك، وأَسْأَلُكَ مِنْ فضْلِكَ العَظِيم، فإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وتعْلَمُ ولا أَعْلَمُ، وَأَنتَ علَاّمُ الغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إِنْ كنْتَ تعْلَمُ أَنَّ هذا الأمرَ خَيْرٌ لي في دِيني وَمَعَاشي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي. أَوْ قالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِله، فاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وَإِن كُنْتَ تعْلمُ أَنَّ هذَا الأَمْرَ شرٌّ لي في دِيني وَمَعاشي وَعَاقبةِ أَمَرِي» أَو قال: «عَاجِل أَمري وآجِلهِ، فاصْرِفهُ عَني، وَاصْرفني عَنهُ، وَاقدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كانَ، ثُمَّ رَضِّني بِهِ» قال: ويسمِّي حاجته. رواه البخاري.

مامعنى (وإن كنت تعلم) علم أن الله على كل شيء قدير؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فدعاء الاستخارة من أجّل الأدعية وأجمعها للتوكل على الله والتفويض إليه، وفيه اعترافٌ بكمال علم الله وكمال قدرته، ألا ترى أن المستخير يقول في أوله: فإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وتعْلَمُ ولا أَعْلَمُ.

وأما قول الداعي: اللهم إن كنت تعلم فليسَ هو شكاً في علم الله، كيفَ وقد اعترف له العبد بالعلم التام والقدرة المطلقة، وإنما معناه إن كان الذي سبقَ في علمك مما قد خفيَ عني هو الخير لي فاقدره لي بقدرتك ويسره لي بتيسيرك، فهذا توسلٌ بعلم الله وقدرته فبعلمه يختار لعبده الخير، وبقدرته ييسره له، وليس في الحديثِ أي إشكالٍ البتة، بل إن من أعطاه حقه من التأمل رآه جامعاً لمعانيَ جمة من الافتقار إلى الله والاعتراف بجهل العبد وعجزه وعلم الرب وقدرته، والتفويض التام له، والثقة بحسن اختياره وتدبيره، فما أجمله من دعاء لمن تدبرَ وعقل.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ ذو الحجة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>