للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[استبداد بعض الورثة بما حصلوا عيه من التركة]

[السُّؤَالُ]

ـ[توفي شقيقنا ببلد أجنبي ونحن أربع شقيقات فقط وأوصى لنا بكل ماله وهو رصيده في بنوك تلك البلدة وكذلك الشقة التي يقيم فيها، وسلم الوصية لصديق له هناك وحصل الصديق طبقاً للوصية وقوانين هذه البلد على كل تركة أخي ولكنه للأسف سلم لنا جزءاً بسيطا منها واستولى على الباقي بأساليب ملتوية ولم نستطع الحصول على باقي حقنا منه ونحن لنا ابنان لابن عم من المفروض أنهما يرثان معنا الثلث، فهل نقتسم معهما ما حصلنا عليه؟ أم نتركهما يبحثان عن حقهما فى التركة ويقاضيان هذا الصديق الخائن للأمانة المقيم فى الخارج، علما أن ما استطعنا الحصول عليه لا يصل إلى ربع تركة أخي، ونحن أربع شقيقات وأخي المتوفى هاجر منذ زمن طويل ولم يكن على صلة بابني ابن عمنا اللذين يحق لهما الميراث، ونحن كذلك ليست لنا بهم أي صلة فهم لا يعرفوننا ولا نعرفهم ومقيمان في بلدة أخرى ونخشى إذا سلمنا لهما ما يخصهما من المال الذي حصلنا عليه ألا يصدقونا لأن أخانا مهاجر منذ ثلاثين عاما وليس من المعقول أن يكون هذا المبلغ البسيط الذي تمكنا من الحصول عليه هو فقط كل ما يملك، وهم كما ذكرت لسيادتكم ليسوا على أي صلة بنا منذ زمن طويل ولذلك من الممكن أن يحدثوا معنا مشاكل كبيرة نحن في غنى عنها وهم الآن لا يعرفوننا ولا يعرفون أي شيء عن هذا الموضوع فماذا نفعل وهل من الممكن أن نتصدق بنصيبهم لأي محتاج خاصة وأنه مبلغ بسيط كما ذكرت لسيادتكم أم نخبرهم بعنوان هذا الوصي حتى يقاضوه ويحصلوا على نصيبهم، أم نسكت كلية ولا نخبرهم بشيء وهم لن يعرفوا أي شيء عن هذا الموضوع لأنهم لا يعرفوننا أصلا؟ أم نذهب ونعطيهم نصيبهم مما حصلنا عليه ونواجه المشاكل؟ نرجو إفادتنا حتى ننفذ شرع الله سبحانه وتعالى ولا نغضبه في ضوء كل الظروف التي عرضتها على سيادتكم. أثابكم الله خيراً وشكراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن وصية أخيكن لا تصح لأنها وصية لوارث، إلا إذا أجازها الورثة (العاصبان) . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود، وابن ماجه وحسنه السيوطي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.

فإن أجازها العاصبان وكانا رشيدين بالغين صحت.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن ابني ابن عمك لهما حق في التركة كما أن لكن فيها حقا، قال الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {النساء:٧} .

فليس لكن أن تستبددن بما حصلتن عليه من الميراث إلا أن يرضى ابنا ابن عمكن باتباع الشخص المستولي على تركة أخيكن.

وما ذكرته من أن أخاك المتوفى قد هاجر منذ زمن طويل ولم يكن على صلة بابني ابن عمكن، وأن ابني ابن عمكن ليسا على صلة بكن منذ زمن طويل، وأنكن تخشين إذا سلمتن لهما ما يخصهما من المال الذي حصلتن عليه أن لا يصدقاكن، ويمكن أن تحدث مشاكل، فإن كل هذا ليس فيه ما يبرر حرمانهما من حقهما في الإرث.

فالواجب أن تسلمن لهما نصيبهما، وليس لكن أن تتصدقن به عنهما طالما أنه يمكن إيصاله لهما ولو كان مبلغا بسيطا.

ولكننا ننصحكن أن تضعوا المسألة برمتها أمام القضاء الشرعي لأن ذلك أضمن لحقوق الجميع وأكثر حسما للنزاع في المستقبل.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ رجب ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>