للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[يستحب للزوج أن يوفي بوعوده لزوجته]

[السُّؤَالُ]

ـ[زوجي أصلاً ليبي ولكنه كان يعيش بمصر في الأسكندرية, ولقد تزوجنا عن حب ولم أكذب عليه أبداً ولقد اتفقنا على العيش في بلدي مصر وتزوجنا وأنجبت له طفلا وعندما صار عمره ٧ أشهر خسر عمله بالأسكندرية وأصبح مديونا للكثير من الأشخاص واضطر للسفر إلى ليبيا ولقد ذهبت معه لأني لم أرد أن أفترق عنه فأنا أحبه كثيراً ولقد رغبت في الوقوف إلى جانبه، فهو كان حزينا لخسارته ولأنه اضطر للرجوع إلى بلده ليبيا التي لا يحب أن يعيش بها على حد قوله لي.. ولكنه وعدني بعدم الاستقرار في ليبيا ووعدني بأننا سنعمل لمدة مثلا خمسة أعوام ثم نعود...... ولكن ما حدث هناك كان مؤلما لي للغاية فلقد بعت منزلي بالأسكندرية بمحتوياته وذلك لسداد جزء من دينه بمصر ولقد أخذ كل ذهبي الذي أعطته أمي لي وهو يساوي الكثير ووعدني بأنه لن يبيعه وسوف يرهنه وصبرت ٩ أشهر دون جدوى حتى اعترف لي أنه باع ذهبي وشبكته لي لقد حزنت وعانيت وخصوصا وقد جعلني أقيم في بيت أهله وبين إخوته الشباب والبنات ولقد تعذبت فلقد كنت ألبس الحجاب طوال اليوم والجو شديد الحرارة وهم لهم عادات وتقاليد مختلفة عني وعن حياتي كلها وكان سني صغيرا ٢١ سنة وهذه كانت أول مرة أبعد عن أمي فيها واضطررت للاعتماد الكلي على نفسي، وكان يتركني طوال اليوم حتى في رمضان كنت أفطر وحدي في حجرتي ... حتى سافرت إلى الأسكندريه بعد ٩ أشهر لأحضر أمتحاناتي في الكلية ووعدته بأني سأذهب له في أجازة نصف العام وذهبت ولكنه لم يجعلني أرجع لأكمل عامي الدراسي ولكن ليس بالقوة، لكنه جعلني أشفق عليه لأنه فقد عمله ولديه مشاكل مع إخوته، ولكن المشكلة كانت تكمن في أنه وعدني قبل مجيئي لليبيا بأني سأسكن في بيت لي وعندما وصلت علمت بأنه سوف يجعلني أقيم مع أخيه المتزوج الأكبر وجلست عندهم لمدة شهرين وحملت بطفل ولك أن تتخيل ما معنى أن أسكن مرة أخرى في منزل ناس يعتبروننا غرباء عني في كل شيء ثم جعلني أنتقل معه للسكن في (كونتينير) في الصحراء في موقع عمل، وكنت منعزلة تماما وكانت غربة بداخل غربة.. ولقد تحملت ذلك له لأني أحبه، أنا ابنة مدللة جدا في عائلتي ومتعلمة في أحسن مدارس لغات وأحسن كلية وأنا في كليات القمة وبنت أصول ووالدي لم يحرمني أبداً من شيء وكنا قد ولدنا بالكويت وعشنا حياة ترف وغناء وحب، ولقد استطعت أن أتحمل الظروف القاسية مع زوجي، فلم يشتر لي (إيشارب) وملابسي قد صغرت علي وذلك بسبب حملي واضطررت للبس عباية أخذتها من سلفتي هذا غير الحبسة لقد مللت..... وها أنا جئت لمصر كي أضع مولودي الثاني هنا ولم يلتزم كالعادة بدفع مصاريف ولادتي إلا بعد مشكلة صارت بيننا، مشكلته أنه حنون جداً جداًَ وكريم ولكنه غير صريح ويكذب، وأمي تصرف علي وعلى أولادي حاليا لأن ما يرسله لي غير كاف، ولقد اتفقت معه على أني لن أذهب إلى ليبيا إلا إذا اشترى لنا سيارة وذلك لأني أريد أن أعمل حتى يكون لي حياة اجتماعية فلا أحد هناك لي، وحتى إذا انشغل عني آخذ أولادي وأذهب مثلا إلى السوبر ماركت لأن إخوته في حالهم ولا يحبون المساعدة وإذا فعلوا يمنون ويحرجونني بعكس زوجي وما كان يفعله معهم بالماضي، واشترطت عليه أيضا أن يكون لي منزل وحدي إيجار أو يبني دورا في فيلتهم لنا، وأني سوف أجعل أمي تأتي معي هذا غير أني لا أريد لأولادي أن يدخلوا مدرسة حكومة.... ولي ٩ أشهر بمصر ولم يفعل شيئا حتى أنه لم يعطي الجنسية الليبية لأولاده.... وأنا أعطيتهم الجنسية المصرية, وهذا يعني أني إذا دخلت بهم في ليبيا لن أخرج منها بهم إلا إذا عمل لي شهادات وجوازات ليبية...... وجاء الآن يقول لي أني المفروض أن أرجع ليبيا في شهر ٨ القادم يعني بعد شهرين وما زال لم يفعل شيئا مما وعدني به حتى مللت وقررت أني سأستقر هنا وأنتظر أن يأتي لنا زيارات كما كان يفعل والدي والكثير من الناس فرفض وقال لي إنه اشترى أجهزة بالتقسيط وأمامه منزل إيجار وأنه يريدني أن أطمئن بأني أرسل والدي قبلي ليرى منزلي والأوراق ولكني لا أصدقه ولا أرغب مجددا في الحبس في هذه البلد ولقد وعدني قبل ذلك أني إذا لم أرغب في النزول له فإنه سوف يشتري لي منزلا مجدداً بالاسكندرية ويأتي لنا زيارات لكنه كالعادة رجع في كلامه ويريد الاستقرار الأبدي في ليبيا وأنا لا أريد ذلك لا أريد أن أنحرم من أمي ولا أريد أن أحرم والدي من أحفادهم، فلقد تعبوا فيهم مثلي بالضبط، فقال لي إنه سيبني بيت في ليبيا في شهر وإذا لم أذهب سيتزوج غيري ويطلقني برغم ما عانيته معه، وبالرغم من رجوعه في كلامه أنا لا أريد أن أسافر هناك مرة أخرى لأكمل حياتي في بلد غير بلدي ولا أحبها مطلقا وأحبه ولا أريد أن نحرم منه ولا أريد أن أحرم منا.... فما رأيكم وفتواكم في ذلك، فأرجو الرد السريع بالله عليكم؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن المعلوم أنه يجب على الرجل لزوجته نفقتها وكسوتها بالمعروف، وإذا عجز عن توفير ذلك لها فلها الحق في طلب الطلاق، وإن وفر لها ذلك فتجب عليها أن تسافر معه إلى محل إقامته أو سكنه، وامتناعها من ذلك عند طلب زوجها السفر معه نشوز محرم يسقط حقها في النفقة ما دامت كذلك.

وعليه.. فإن وفر زوج السائلة لها سكناً لائقاً بها فيجب عليها الانتقال معه إلى حيث يقيم إن أصر على الإقامة في بلده أو غيره، ويمكن معالجة الأمر بينك وبينه بالتفاهم والتراضي ومحاولة إقناعه بالانتقال إليك والإقامة معك حيث يوجد أهلك، ولا سيما إذا كان وعدك بذلك واتفقتما عليه، فإنه يستحب له الوفاء به في قول الجمهور ما لم يكن في ذلك ضرر عليه.

علماً بأنه إذا كان الاتفاق المذكور مشروطاً في العقد بأن لا ينقلك عن بلدك فيلزمه الوفاء به في قول بعض أهل العلم كالحنابلة خلافاً للجمهور القائلين باستحباب الوفاء بمثل ذلك الشرط فحسب، وعلى قول الحنابلة فإنه لا إثم عليك في امتناعك من الإقامة معه خارج بلدك إن كنت شرطت ذلك عليه، وتأثمين في قول الجمهور لأن الوفاء مستحب فحسب.

والطلاق هو آخر العلاج فلا يلجأ إليه إلا إذا استنفذت كل وسال الإصلاح وسبل العلاج، وذلك لما قد يترتب عليه من ضياع الأولاد وحرمانهم من نعمة العيش في كنف أبيهم وأمهم. وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٢٠٦٩، ٤٥١٣٨، ٧٩٦٦٥، ٥٩٩٠٤.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ شعبان ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>