للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التوبة المستوفية لشروطها تمحو الذنوب]

[السُّؤَالُ]

ـ[يقول صاحبي: كنت أسير في طريق خال فرأيت بنتين في عمر الثامنة تقريبا فأخرجت ذكري ومشيت عليهما فما أن رأتاني حتى جريتا في نفس اللحظة مذعورتين كل في اتجاه من غير اتفاق منهما. وسؤاله: هل تكفيه التوبة أم أنه من الآثام المستمرة؛ لخوفه من تأثير هذا عليهما في مستقبلهما؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله عزوجل لا يحب الفحش ولا التفحش، وما فعله صاحبك هذا يعد من الفحش في الفعل، ومن المحرمات، وينم عن عدم حياء من الله ومن نفسه ومن الناس.

فعن معاوية القشيري رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ، فَقَالَ: الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ قَالَ إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ، قُلْتُ وَالرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا قَالَ: فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ. رواه الإمام أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجه وحسنه الترمذي، ثم الألباني.

ومع قبح هذا الفعل وشناعته إلا أن باب التوبة مفتوح مهما عظم الذنب، ومادام صاحبك قد ندم على هذا الفعل، فالندم هو أصل التوبة، وليضف إلى هذا الندم الاستغفار والعزم على عدم العودة إلى هذا الفعل فهذا يكفيه إن شاء الله تعالى. فقد قال سبحانه: وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. {لأنفال: من الآية٣٣} .

وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر: ٥٣} .

وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. رواه مسلم.

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ. رواه أحمد، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وحسنه الألباني.

ولا يعد هذا الذنب من الذنوب المستمرة بل إن تاب منه تاب الله عليه، وليسأل الله تعالى أن يعافي هاتين الفتاتين، وأن يوفقهما، ولمزيد من الفائدة راجع الفتويين: ٥٤٩٠٠، ٥١٢٤٧.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٩ ذو القعدة ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>