للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا يحق للمرأة أن تطلب الطلاق لغير ضرر محقق]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا زوجة في الثانية والثلاثين أم لصبيين، زوجي كان يعمل خارج المدينة والآن يعمل خارج البلاد وسواء في العملين فإنه كانت تتوفر له إقامة أسرية مريحة ولكنه كان وما زال يرفض اصطحابنا معه إلا لأسابيع محدودة ثم يعود بنا لمنزلنا ويرجع لعمله وحيداً والأسباب كثيرة وواهية من أهمها أنه لا يحب أن يتعطل الولد الأكبر عن الدراسة في مدرسته الراقية مع أنه هذا العام إن شاء الله سوف يكون في الصف الثاني حضانة فقط، والصغير عمره عامان فقط، ما لمسته خلال إقامتي القصيرة معه هو حرص زملائه الشديد على اصطحاب زوجاتهم لأطول فترة ممكنة وقد نشأت بيني وبين الزوجات بعض الصداقات حتمتها الغربة وحكين لي عن تصميم أزواجهن على اصطحابهن وتبرمهن من ذلك فوجدت أني فريدة في وضعي، حيث أقبل إقامتي في آخر الأرض بعيدا عن الأهل والمدينة التي تعودتها ثم أجد الرفض من زوجي، حالتي النفسية سيئة جداً من إحساسي بالرفض من زوجي ثم إن مسؤولية ولدين ثقيلة جداً وأنا أتحمل وحدي توصيل ابني الأكبر لمزاولة تدريبات الرياضة وأذهب به ليحفظ القرآن وأوصله للمدرسة وكل هذا وأنا مصطحبة الطفل الأصغر ولا توجد سيارة لتسهيل الحركة وغير ذلك أقوم بكل الأعباء المنزلية وشراء الطلبات والقيام بلوازم البيت دون الاستعانة بخادمة، لقد انهرت بدنيا ونفسيا وزوجي يطمئن بالتليفون ويأتي للزيارة كل ٣ شهور ثم يعود ويلومني على قلة رسائل الإيميل ولا يحب سماع أي شكاوى، كما أن والدته أظهرت ضيقها لاصطحابي إياه في آخر مرة وقالت لي إن ذهابي للبلد الآخر سيكلفه كثيراً لأن المعيشة هناك غالية وأنه سوف يرفض ذهابي بكل تأكيد وقالت لي في إحدى المرات إنه يجب علي صلاة ركعتي شكر يوميا لأني تزوجت ابنها لأني آخذ كل خيره، على حد قولها، مع العلم أنه شحيح علي في طلباتي مهما كانت قليلة التكلفة مع أنه ميسور الحال ورزقنا الله والحمد لله الكثير واستطاع أن يستغني عن أهله في الإعداد لزواجنا ولم يساعدوه بالفتات مع قدرتهم على المساعدة ثم أكثروا التباهي في زواج أخته التي تزوجت بعدنا بخمس سنوات وتفاخروا أمامي بأنهم تكلفوا في زواجها ٨٠ ألف جنيه في حين لم يكلفهم زوجي شيئاً، والآن يريدونه أن يمسك يده عني بما رزقه الله رزقا لي ولأولادي، ما رأي الشرع في وضعي هذا، وهل الأصلح لي أن أطلق لأني في الحالتين أقوم بواجباتي اتجاه الولدين كاملة دون مساعدة من أحد؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا ننصحك أن تصبري وتعلمي أن الطلاق ليس فيه مصلحة، ولا ينبغي التفكير في طلبه إلا في حالة نادرة، وما وصفته من حالك لم يصل والحمد لله إلى هذا الحد، فالطلاق هو آخر الحلول، ولا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق لغير ضرر محقق، ولذلك راجعي الفتوى رقم: ٥٦٧٠.

وأنت لم تذكري شقاقاً بينك وبين زوجك، ولا منعا لنفقة واجبة، وقد بينا النفقة الواجبة في الفتوى رقم: ٨٤٩٧.

وعليه، فإذا كان زوجك يصرف عليك قدر كفايتك أنت وأولادك حسب استطاعته بما في ذلك تكاليف دراسة الولد وتنقله وغير ذلك من الضروريات، ولم يغب غيبة تتضررين بها، فقد أدى واجبه، ولا يجب عليه استصحابكم معه في السفر خصوصاً إذا كان يرى أن المصلحة تقتضي بقاءكم في البيت في بلدكم، وعليك أن تنظري إلى مصلحتك أنت وزوجك ولا تنظري إلى الآخرين فكل له حالته الخاصة به، وإذا كان الزوج ذا يسار بحيث لا يؤثر عليه سفركم وإقامتكم معه، فلا شك أن الأفضل أن تكونوا معه يأنس بكم وتأنسون به، ثم إنه لا يجوز لأي زوج أن يكلف زوجته ما لا تطيق، فإن فعل فإنها غير ملزمة شرعاً إلا بما في مقدورها، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا {البقرة:٢٨٦} ،

كما ننصحك أن تعرضي عن مناقشة أم زوجك في الأمور التي تؤدي إلى المشاجرة والصدام، وعليك أن تصبري على ما يصدر منها وتجذبيها بالإحسان إليها، كما يجب على أهل الرجل المذكور أن يعاملوا زوجة ابنهم بالمعروف لحق الجيرة وحق الإسلام، ولا يتدخلوا فيما بينها وبين زوجها أو يحاولوا منعها من رزق ساقه الله إليها، وأوجب لها فيه حق النفقة وغيرها، ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: ٢٥٩٢٠، والفتوى رقم: ٢٧٦٦٢.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٤ شعبان ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>