للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الخطأ غير المقصود ... نظرة شرعية]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو الإجابة على استفساري الذي يعذبني ولا أستطيع البوح به ولكم جزيل الشكر. حيث أنه في مرة من المرات كنت أتحدث إلى خطيبي في الهاتف وكنت مشتاقه له وأعبر له عن مشاعري وأستغفر الله أثناء حديثي معه وأنا في شدة اللهفة والشوق قلت له أنا أعبدك وفورا استدركت ما قلت واستغفرت الله وجاءتني حاله من الذعر حتى أن خطيبي هدأني وقال لي أنت لم تقصدي ذلك ولكن من يومها وأنا أتعذب وأستغفر ربي على هذه الزلة الفظيعة التي لا أدري كيف خرجت من فمي أرجوكم ماذا أفعل غير الاستغفار؟؟؟ افيدوني جزاكم الله خيرا]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فيبدو من روايتك -أيتها السائلة- أنك لم تقصدي حقيقة هذه الكلمة العظيمة، وأنها جرت على لسانك خطأ، والله تبارك وتعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:٥] .

وعلى كل حال حيث إنك قد تبت إلى الله تعالى من ما صدر منك، فاعلمي أن الله تعالى قد نبأنا عن نفسه أنه غفور رحيم، وأنه يقبل توبة التائبين. قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:٢٥] ، وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:٥٣] .

وها هنا أمر هام وهو أنه لا يجوز لك أن تهاتفي خطيبك إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، لأنكما ما زلتما أجنبيين عن بعضكما، ويخشى عليك الوقوع في الخضوع بالقول وقد وقع منك ذلك بالفعل، والله تعالى يقول: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:٣٢] ، هذا ولك فوق توبتك واستغفارك أن تخرجي من مالك صدقة، فقد أخرج الترمذي من حديث كعب بن عجرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال والصدقة تطفيء الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، ولك كذلك أن تفزعي إلى الصلاة، فإن الله تعالى قال في كتابه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:١١٤] .

وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي بكر أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ*أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:١٣٥-١٣٦] .

وبالجملة فإن كثرةالطاعات سبب في تكفير السيئات، وثقي بموعود الله من توبته على من تاب وأناب، يذهب الله تعالى ما في قلبك. والله الموفق، وراجعي الفتوى رقم:

٣٦٧٢ ١٤٧٣ ٥٨٥٩ ٦٧٩٦ ٦٨٢٦.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ ربيع الأول ١٤٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>