للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا مانع من اللجوء إلى المحاكم الوضعية لتحصيل حق]

[السُّؤَالُ]

ـ[الموضوع الذي أرغب السؤال عنه طويل ومتشعب ولكني آمل الإجابة عليه باستفاضة:

قبل١١ سنة تقدم لخطبة أختي رجل يسكن في كندا وقال لنا بأنه قد سبق له الزواج من امرأة كندية تزوج بها لا لشيء سوى الحصول على الجنسية الكندية وقد طلقها منذ مدة ولأنه يرغب بالاستقرار جاء إلى البلاد العربية ليخطب منها، عندما سأله أبي عن الصلاة أجاب بأنه لا يصلي ولكنه حقا راغب بالصلاة ولعل أختي تكون السبب في هدايته، عندها قام والدي بالاستفسار عنه وكانت كل المؤشرات جيدة وفي صالحه ولم نجد عيبا حينها إلا في عدم الصلاة، لذلك اشترط والدي عليه القيام بالصلاة كشرط أساسي لإتمام الزواج، ووافق على ذلك لكن الشرط لم يكتب في متن العقد، وخلال الـ ١١ سنة الماضية لم يقم بالصلاة أبداً بحجة أنه يصلي في قلبه، كما أنه لا يصوم بحجة أن الصيام يؤدي إلى آلام مبرحة لمعدته، وقد حاول أبي مرارا وتكرارا أن يهديه بالقول والفعل الحسن إلى الصلاة والصيام، ولكن بدون جدوى، وكان مما يعقد أمور هذا الزواج أكثر فأكثر، هو طبائعه الغريبة والمتناقضة والتي ضرت بأختي وبأولادها، فهو لا يتردد عن ضرب أولاده ضربا لا يليق أن نطلق عليه تأديبا، كما أن أختي تخافه وتخشاه إلى درجة كبيرة، يشاهد أفلاما فيها قدر كبير من العنف، كما أنه يشاهد أفلاما إباحية، يحتفظ بالكحول في بيته، يريد أن يكون مسيطرا في كل ما يتعلق بأختي وأولادها، ذات مرة مسك أختي من رقبتها وكاد أن يخنقها ولكنه امتنع في اللحظة الأخيرة، وفي مرة أخرى عندما بلغ درجة كبيرة من الغضب أخذ يكسر كل شيء في البيت حتى أن جهاز المايكروويف حمله ورماه باتجاه أختي.

كانت زيارة أبي وأمي وأنا الثالثة له ولأختي هذا الصيف، والحقيقة أنه أبدى ترحيبا كبيرا بزيارتنا له، أثناء هذه الزيارة استشار والدي أهل الذكر هناك ونصحوه بالتحدث إليه رجلا لرجل أولا ومن ثم إحضار كل منهما (هو وأختي) للحكم بينهما ومن ثم دعوة أي حكم من أهله ليكون طرفا في الحكم، وبالفعل جلس والدي معه بداية وأبدى تجاوبا واستعدادا لأن يجعل حياته هو وأختي كريمة وسعيدة، ثم كانت الجلسة الأخرى بوجود أختي، ووجود أمي وأنا، في مضمون الجلستين السابقتين كان التركيز على ضرورة وجود الحوار بينهما كوسيلة للتفاهم وتخطي المشاكل اليومية، ثم كانت هناك جلسة ثالثة عرض فيها أبي إرسال أختي وأولادها إلى الأردن كوسيلة لتخفيف المصاريف الباهظة للحياة في كندا كما أنها الوسيلة الأفضل للأولاد لتعلم اللغة العربية والدين الإسلامي، وقد برقت الفكرة في ذهنه وأبدى إعجابه بها، ثم كانت الجلسة الرابعة، وفيها قلب كل ما سبق الحديث به، وأخذ يعطي مدلولات للأشياء أكثر ما تحتمل، فأخبره والدي موضوع الأردن ضع عليه إشارة خطأ كبيرة، وكأني بالأساس جلست معك لبحث أسباب العيش الكريم فيما بينكما، ثم في اليوم الذي يليه، سأله والدي عن أخ له كي يحضر ونطبق الشرع، وثارت ثائرته وبدأ يصرخ ويستهزئ ويسخر بنا و ... و.....و.... احتار والدي بعدها فيما يفعل، وكذلك أختي التي لمست وشاهدت بأم عينها أن لا رادع له، استشار والدي مرة أخرى، وأخبروه أن القوانين في كندا مناصرة للمرأة تماما وأنه ما عليها سوى أن تشتكي للشرطة كي يضمنوا لها العيش بعيدا عنه مع أولادها إلى حين إتمام الطلاق، وعاد أبي بالفكرة إلى أختي وأخبرها بأنه قرارها وحدها، ثم بدأت الأمور تسوء أكثر فأكثر، في يوم يتهمها بالكذب ويوم يتهمها بوضع شيء في طعام إفطاره، حتى قررت أختي الاتصال بالشرطة، وبالفعل اتصلت وكنا إلى جانبها، فأتت الشرطة ونقلتها هي والأولاد إلى مأوى خاص بالحالات المماثلة ونحن ذهبنا إلى الفندق باعتبارنا غير كنديين، والآن نحن عدنا وأختي تكمل الإجراءات اللازمة لإتمام الطلاق.

بقي أن أقول أننا شاهدنا مشاكل نفسية عديدة عند الأولاد عندما كنا في البيت جميعنا، ولكن بعد ذهاب أختي إلى هذا المأوى وانقطع عنهم مصدر الخوف بدأت هذه المشاكل تتبدد.

الأسئلة هي:

١- هل زواج أختي صحيح من الأساس؟

٢- هل أمر استعانتنا بالقانون الكندي كي يحمي لأختي حقوقها بدلا من أن يستعمل نفس القانون الكندي من

قبل زوجها ضدها ويحرمها من رؤية أولادها، خاطئ؟

٣- هل تعتقدون أن أمر الإصلاح ممكن بعد كل ما قلته وبعد استنفاد كافة الطرق، والأهم لشخص لا يبدي أسفا أو نية حقة في تصويب الأوضاع؟ وشكراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الرجل إن كان قد فعل أو اعتقد أمراً يخرجه من الإسلام قبل أو حين العقد ولم يعد إلى الإسلام فالنكاح باطل، ففعل ما يخرج من الإسلام كسب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أو سب الدين أو السخرية بكلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، واعتقاد ما يخرج من الإسلام كجحد وجوب الصلاة أو جحد وجوب الصيام.

أما إن كان لم يفعل شيئاً من ذلك فهو لا يزال مسلماً، وأما ترك الصلاة فقيل إنه من هذا القبيل وقيل لا، وإذا فعل بعد عقد النكاح ما يخرجه من الإسلام فإنه يفسخ عقد النكاح ولا تحتاج المرأة إلى طلاق ولا خلع، وانظري الفتوى رقم: ٢٣٦٤٧.

وقد أخطأ الأب حين وافق على هذا الزوج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن.

وهذا الرجل غير مقبول الدين بتركه الصلاة التي هي أعظم أركان الدين والصوم وشربه الخمر ومشاهدته المحرمات، ولا شك أن البقاء مع هذا الرجل بلاء وضرر، فننصح بالتخلص من الارتباط به إما بالطلاق أو الخلع، ولا يجوز التحاكم إلى غير حكم الإسلام إلا إذا تعذر الفكاك بأن كان في بلد من بلاد الكفار أو بلد مسلم لا يحكم فيه بشرع الله فله حينئذ أن يدفع الظلم عن نفسه باللجوء إلى المحاكم الغربية مع الكراهية القلبية لحكم الكفر، وبشرط أن يكون لاستخراج حق أو دفع ظلم لا يندفع إلا بهذه الطريقة، وانظري الفتوى رقم: ٣٨٧٥٧.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ رمضان ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>