للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم اعتذار الولد عن استقبال أمه في بيته]

[السُّؤَالُ]

ـ[إني حامل للمرة الرابعة، وفي كل مرة لا أستطيع أن أقوم بأي عمل حيث يمنعني الأطباء من القيام بأي حركة أو مغادرة السرير حتى الشهر التاسع. في المرات الثلاث الأولى، كانت أم زوجي هي التي تقوم بكل شيء في البيت ولكنها تفعل ما تشاء دون مراعاة مشاعري أو رأيي حيث تستقبل في بيتي من تريد وللمدة التي تريد، وتطبخ أيضا ما تريد. في هذه الفترات كنت أحس بالإهانة والذل. هذه المرة لم أخبر أحدا بحملي. عندما طلبت زيارتنا علما أننا نسكن في مدينة أخرى قال لها زوجي إن ظروفنا لا تسمح باستقبال أحد. سيذهب لإحضارها بعد الولادة. هل يعتبر هذا التصرف بالنسبة لزوجي عقوقا لوالدته علما أنه قد لا يعجبها هذا التصرف وقد تقاطعنا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا التصرف من زوجك تجاه والدته تصرف سيء بالغ في الإيذاء والتهاون بحقوق الأم، إذ كيف تطلب منه أمه التي هي أحق الناس بصحبته وبره وإكرامه زيارته ثم يعتذر إليها هكذا بقلب بارد بحجة أن ظروفكم لا تسمح باستقبال أحد، هذا لا شك من العقوق، فالواجب عليه أن يتقي الله سبحانه ويسترضي أمه عما بدر منه من جفاء لها.

ثم الذي يظهر أن زوجك ما أقدم على هذا إلا بتوجيه منك أو على الأقل لأجل أن يرضيك، وهذا يشركك معه في الإثم، فإن الواجب عليك أن تكوني عونا له على بر أمه، خصوصا مع ما ذكرت من حال هذه الأم وبرها بابنها وحرصها على صلته ومصلحته، وهذا الذي يحملها على أن تأتي إليك في كل مرة من مرات حملك لتقوم بخدمتك وخدمة زوجك تسعة أشهر كاملة تقوم بكل شؤون البيت وأموره، وأنت ملازمة للفراش، أفبعد هذا الإحسان والبر والتفاني تقابل بهذا الجحود والتجاهل، ويمنعها ابنها من مجرد زيارته!؟

ثم ألم يفكر زوجك في شعور أمه حين يأتي زمن الولادة وتعلم أن ابنها قد كتم عنها أمر الحمل طوال هذه الفترة، فكيف ستستقبل منه هذا التصرف؟ وهل وصل الاستخفاف بحقوق الأمهات أن يفعل الأبناء ما يشاءون ثم يعولون على مجرد اعتذار لاحق؟ وهل هذا هو القيام بالوصية التي أوصى الله بها الأولاد بشأن الوالدين عموما والأم خصوصا؟

ثم إن ما تشتكين منه من بعض تصرفاتها أثناء إقامتها لخدمتكم يمكن علاجه، بأن توجهوها بأسلوب رفيق لتفادي هذه التصرفات, فإن لم تستجب فلتصبروا عليها، إن لم يكن صبركم لحقها عليكم، فليكن الصبر لخدمتها لكم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٣ رمضان ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>