للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[النهي عن إتيان الكهان]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا بصراحة وعدت الله وولدي في بطن أمه إذا كان الولد سليما سأقدم لله وللفقراء أن أذبح عجلا لله وأقدمه للفقراء وهذا كان في عام ٢٠٠٤ وبعده إن ولد هذا الطفل سليما لأن الأطباء قالوا بأن الجنين ليس سليما ويحتاج أن ترميه من بطن أمه ولكن أنا لن أسمح لأن الدين كان في قلبي وبهذا أنا وعدت الله. خرج الطفل من بطن أمه سليما كما أنا أريد وحتى بعد أن كبر ولم أف بعهدي التي وعدت الله في أن اذبح العجل للفقراء. هذا لا يدل على إن كان معي مال كان معي ولكن كانت أمور أهم بنسبه لي ولكن في الواقع هذا الأمر مهم بنسبه لله أنا اعرف ولكن بعده تصريف المال على أشياء أخرى كنت افتكر بان علي ذبح. الآن ما العمل أنا أجد صعوبة في تيسير الأحوال لا أتوفق في عمل أو إذا عملت امتحان لا انجح وأنا من أحسن الطلاب وإذا فكره في شيء أريده لا أتوفق إذا فكرة ليس بصالحي توفق ولكن ذهبت إلى شخص من خريج الشريعة أستاذ في الدين شرحت هذا الوضع أحب أن يساعدني فقال لي أن تذهب إلى إنسان هو يعالجك فأعطاني رقم تلفون فاتصلت فيه وأتى إلى بيتي وقال بان ابني يعمل أو ينجيك من هذا واتصلت بهذا الشخص وكان ابنه يعالج وأتى إلى بيتي لوحده واتصل بابنه وشرح حال الوضع وسألني البن في التلفون هو من العمر ١٥ عام وسال ما سم أمك وسال بان انجعز في الحلام فقلت لا إن في ضيق في الصدر قلت لا قال المال إذا كان كثير يختفي بسهوله قلت نعم وقال ما اسم زوجتك واسم أمها فقلت فقال اذهب إلى المدخل الخارجي وأمر بإحضار كاس من الماء وفيه ملح ورشه على المكان في مدخل البيت وقال بأن في ذلك المكان عمل لكما من عمل الشيطان وبعدها أمر بحذار كاس آخر وأن تشرب وأمر بأن تقرأ ما تيسر من القرآن من سورة الزلزال وقرأت ثم قال اشربي وبعدها قال أن تقرأ بعد كل صلاة عصر ما تيسر من القران سوره الأنفال الآن أنا شكيت بان هذا دجال وشرح بان اصدق في العالم الآخر كعالم الجن واتصلت بصديقي خريج الشريعة في الدين الإسلام قلت بان هذا يتعامل مع الجن فقال بأنه يأمر بأمر خير وليس بشر وبعدها أنا قلت لهذا الدجال بان الحديث مع الجن حرام قال أنا سالت ولكن ولكن سأكرر السؤال على شيخ آخر بان الأمر حرام أم حلال وذهب ونصحته بان يلتزم وان يشدد على السؤال ونصرف صليت العشاء في المسجد وسالت الإمام المسجد قال لي بان الأمر خطر ولا يجوز الكلام عهم وان تستغفر الله الآن واجه صعوبة في الرزق إذا كان معي مال فان المال يختفي بسهوله كيف لا اعلم اينه يذهب المال ساعدوني ماذا أفعل؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعهد مع الله يجب الوفاء به، وقد ذم الله المنافقين بعدم وفائهم بعهودهم قال تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ {سورة التوبة: ٧٥-٧٧}

وهذا الوعد يعتبر نذرا لما تضمنه من القربة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَالْعُهُودُ وَالْعُقُودُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى أَوْ مُتَّفِقَةٌ، فَإِذَا قَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَحُجُّ الْعَامَ. فَهُوَ نَذْرٌ وَعَهْدٌ وَيَمِينٌ. وَإِنْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا فَيَمِينٌ وَعَهْدٌ لَا نَذْرٌ، فَالْأَيْمَانُ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّذْرِ، وَهُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ لِلَّهِ قُرْبَةً لَزِمَهُ الْوَفَاءُ، وَهِيَ عَقْدٌ وَعَهْدٌ وَمُعَاهَدَةٌ لِلَّهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لِلَّهِ مَا يَطْلُبُهُ اللَّهُ مِنْهُ (الفتاوى الكبرى ٥ /٥٥٢) .

فعلى السائل أن يفي بوعده، فإن لم يستطع فعليه كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ رواه مسلم (١٦٤٥) .

وقد سبقت بعض الفتاوى في وجوب الوفاء بعهد الله ٩٧٤٦، ٧٣٧٥، ٢٩٠٥٧، ٢٩٨٠٦، ٣٢٨١٦، ٤٣٦١٢، ٥٣٣٠٦، وأخرى في النذر وأحكامه وكفارته ٣٦٣٠، ٣٤٥٧، ٥٥٢٦.

وأما ما ذكره السائل الكريم من حال هذا الشخص الذي يسأل ما اسم الزوجة واسم أمها، ويأمر بإحضار ماء في كأس، وفيه ملح، ويأمر برشه في مدخل البيت.. فهذا يفيد أنه مشعوذ، ومثل هذا لا يجوز الذهاب إليه، ولا الاستعانة به، ولا التعامل معه؛ فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُمُورًا كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ؟ قَالَ: "فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ. رواه مسلم (٥٣٧) . وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. رواه مسلم (٢٣٠) .

وقد سبق ذكر العلامات الفارقة بين المشعوذ والراقي ٦٣٤٧، ١٦٦١٨، ٦٨٥٧٦، ٣٤٣٣٣، ٤٨٥٠٩، ٤٩٥٧٤،

واعلم ـ أيها الأخ الكريم ـ أن الذنوب هي أصل البلاء، فما نزل بلاء إلا بذنب، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: ٣٠} .

فعليك بالتوبة والاستغفار، ثم الاستعانة بالله، وحسن الظن به، وصدق التوكل عليه، ثم لزوم تقواه سبحانه والاستقامة على شريعته، ثم الأخذ بالأسباب وعدم العجز، مع لزوم الاستخارة، واستشارة ذوي النصح والخبرة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. رواه مسلم (٢٦٦٤) .

وأذكرك أخي الكريم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ رواه مسلم (٢٩٩٩) .

كما أذكرك بقول الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {سورة البقرة: ٢١٦} وقوله صلى الله عليه وسلم: عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه الترمذي وحسنه (٢٣٩٦) وابن ماجه (٤٠٣١) وحسنه الألباني الصحيحة (١٤٦) .

ولا تنس أيها الأخ الكريم أن سلاح المؤمن الذي لا ينبغي أن يفارقه هو الدعاء واللجوء إلى الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ. رواه الترمذي وحسنه (٢١٣٩) وحسنه الألباني (الصحيحة ١٥٤) .

وقال أيضا صلوات الله وسلامه عليه: مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْعُو بِدُعَاءٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ أَوْ كَفَّ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهُ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ. رواه أحمد (١٤٤٦٥) والترمذي (٣٣٨١) وحسنه الألباني (المشكاة ٢٢٣٦) .

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ رجب ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>