للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[العمل المختلط للمرأة وعملها في تسجيل القروض الربوية]

[السُّؤَالُ]

ـ[شابة تونسية متحجبة عرض علي العمل بالقباضة المالية كمحاسبة من بين مهامها تسجيل القروض الربوية، إسناد القروض الموثقة برهن، التصاريح الجبائية، ولا أدرى الفرع الذى سأتوظف فيه؟

كما يوجد فيه الاختلاط، إني أخاف الله والفتنة. أمي تريدني أن أعمل وهي في حالة نفسية محرجة لرفضي للعمل. مع العلم أننى قمت باستخارة ولم أشعر إلا بالخوف من معصية الخالق. فما حكم العمل للمرأة؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكر لك خوفك من معصية ربك، وتوقد جذوة الإيمان في قلبك، ومحاسبتك لنفسك فيما تقومين به. وقد أحسنت صنيعا بصلاة الاستخارة، فما خاب من استخار ولا ندم من استشار.

ثم اعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن عمل المرأة ليس ممنوعا بإطلاق، وإنما يمنع منه ما يتعارض مع شرع الله عز وجل. راجعي الفتوى رقم: ١٠٥٨٣٥.

وما ذكرته عن العمل المعروض عليك هو مما لا يجوز للمسلمة الإقدام عليه بحال من الأحوال، وذلك لأمرين:

أولا: لما فيه من شهود الربا وكتابته والمعونة عليه، وهو أمر جد خطير إذ أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه مما يستوجب لعنة الله وسخط الجبار. راجعي الفتوى رقم: ٤٨٦٢، ٥٦٢٣.

وثانيا: أن هذا العمل فيه اختلاط بالرجال مع الإلزام بشيء من التبرج كما هو معروف في بلدكم، وفي ذلك من المفاسد ما فيه.راجعي الفتوى رقم: ٣٥٣٩.

فلا تعرضي نفسك للفتن ولغضب الجبار، واعلمي أن سبل الرزق كثيرة، وأنه من يتق الله يرزقه من حيث لا يحتسب، وأن من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه، كما أخبرنا الصادق المصدوق.

واعلمي كذلك أن خوفك من هذا العمل بعد الصلاة نذير لك من الإقدام عليه؛ فإن الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر. وسلامة الدين لا يعدلها شيء.

وحاولي أن تبيني لأمك سبب موقفك من ترك هذا العمل، وتلطفي معها في توضيح الحق وأنه لإطاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وفي صحيح ابن حبان عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله، ومن أسخط الله برضا الناس وكله الله إلى الناس» . صححه الالباني.

فاثبتي على ذلك، وادفعي عنك الحرج فما جعل الله علينا في الدين من حرج.

قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:٣،٢} .

ولك أن تبحثي عن عمل آخر لا اختلاط فيه ولا منكر.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٢ جمادي الأولى ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>