للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[توفي عن زوجة وولدين وبنت]

[السُّؤَالُ]

ـ[سعادة: الشيخ ـ حفظه الله ـ وبعد:

نرجو من فضيلتكم التكرم بتوزيع ميراثنا عن أبينا حسب الشريعة، حيث إ ن به تفاصيلات كثيرة متداخلة ومتشابكة، وقد تم إصدار ذلك مكتوبا ليكون حجة للجميع، وجزاكم الله كل خير.

نحن ولدان وبنت أشقاء ولنا أخت من الأم ـ غير شقيقة ـ محمد أمين حلمي – فتوح حلمي– أميرة حلمي ـ والأخت لأم: نجاح محمد، ووالدتنا سميرة محمد طنطاوي.

توفي والدنا رحمة الله عليه ـ حلمي فتوح عثمان الشيمي ـ عام ١٩٧٩م وترك لنا ما يلي:

١ـ منزل مساحته ٧٥ م تقريبا علي شارعين ون صيب الأب فيه فقط ثلاثة أسهم والباقي سهمان

لأن هذا المنزل لم يكن للوالد فقط، وإنما الوالد وثلاث بنات: هن عماتنا، اشتري الوالد قبل وفاته نصيب إحدي أخواته، وأما نصيب العمتين فاشتري الابن الأكبرـ محمد أمين ـ بعد وفاة والده نصيب عمته وبقي لعمته الأخرى نصيبها حتى الآن.

٢ـ منزل مساحته ٤٠ م تقريبا.

٣ـ أرضا زراعية مساحتها ١٠٦ مائة وستة قراريط في أربعة أماكن مختلفة.

ما تم في هذا الإرث من بعد وفاة الأب وحتى وفاة الأم في ٢٠٠٦ م:

١ـ نقلت ملكية هذه الأراضي جميعا إلى الوصي الشرعي آنذاك بعد وفاة الأب وهي الأم: سميرة محمد طنطاوي والدتنا.

٢ـ في عام ١٩٨٢ قامت الأم ببيع ٦ ستة قراريط لبناء وإصلاح جدار داخلي بالمنزل الكبير.

٣ـ في عام ١٩٨٣ قامت الأم ببيع ٣٢ اثنين وثلاثين قيراطا من الأراضي الزراعية لزواج الابن الأكبر: محمد أمين ولم تأخذ من ثمنهما إلا النصف لأن المزارع ـ الفلاح ـ أخذ عنوة النصف حتى يوافق علي إتمام البيع وكان المبلغ آنذاك ٤٠٠٠ أربعة آلاف جنيه لا غير.

٤ـ في عام ١٩٨٤ قامت الأم ببيع ١٤ قيراطا من الأراضي حتى تتمكن من إتمام زواج الأخت الشقيقة ـ أميرة ـ وأيضا لم تأخذ من المبلغ أيضا إلا نصفه: وهو ١٥٠٠ جنيه، والنصف الآخر أخذه المزارع ـ الفلاح ـ حتى يوافق على إتمام البيع.

٥ـ في عام ١٩٨٥ سافر الابن الأكبرـ محمد أمين ـ إلى الخارج للعمل وتكفل بكل متطلبات الأسرة وكل احتياجات الأراضي الزراعية وتسديد كل ديونها وضرائبها ومديونياتها إلي عام ٢٠٠٦ م شهر ٦ حينما انتقلت الأم إلى رحمة الله ولم يستفد من هذه الأراضي أي شيء، بل تمتع جميع الورثة دونه بكل ريعها كل الفترة السابقة مع التزامه شخصيا بدفع الديون والضرائب كما سبق إيضاحه.

٦ـ كما تحمل الابن الأكبر جميع نفقات الكهرباء والمياه والمصروفات الشخصية للأسرة من البيتين السابقين.

٧ـ في عام ١٩٧٦ قام الأخ الأكبرـ محمد أمين ـ بشراء منزل ملاصق لمنزل الورثة مساحته ٤٠ مترا تقريبا بعقد موجود، وقام بعد ذلك بضم المنزل إلى منزل الورثة لتوسيع المساحة، كما قام ببناء المنزلين بالطوب الأحمر والإسمنت والخشب، وعني بالمنزلين: المنزل الأول للورثة مع إضافة ٤٠ مترا: وهي المنزل الذي اشتراه الابن محمد أمين لنفسه، والمنزل الصغير الثاني للورثة بناه لأمهم لتجلس فيه، وقد كلف البناء آنذاك أكثر من ٥٠٠٠٠ خمسين ألف جنيه مصري دفعها بنفسه من ماله الخاص دون أي مساهمة من بقية الورثة.

٨ـ ف ي عام ١٩٩١ قام الابن ـ محمد أمين ـ بشراء نصيب عمته في منزل أبيها ـ منزل الورثة الكبيرـ بمبايعة موجودة.

٩ـ في عام ١٩٩٧ وما بعده جاء دور الابن الأصغر فتوح للزواج وعرضت الأم على الأخ الأكبر: محمد أمين أن يتحمل جميع نفقات زواجه وتوضيب شقته بالمنزل بدلا من أن نبيع له أراضي ونخسر فيها لمشاركة المزارع في أخذ النصف كما سبق، وذلك في مقابل أن يأخذ الابن الأكبر مقابل ذلك أراضي، فوافق الابن الأكبر محمد أمين وقام بتحمل جميع نفقات زواج أخيه فتوح وتسفيره إلى العمل في الخارج قبل ذلك على نفقته الشخصية، ولكن الأم لم توف بما وعدت به ـ سامحها الله ـ وقام الأخ الأصغر فتوح بتسديد بعض النفقات على أقساط.

١٠ـ في عام ٢٠٠٦ توفيت الأم فقام الابن الأكبر بجميع النفقات والتجهيزات اللازمة المطلوبة شرعا.

١ـ توزيع الأراضي المتبقية على الورثة مع الأخذ في الاعتبار موضوع النزاع وهو ما يلي:

• جميع الأراضي التي بيعت سابقا للزواج بيعت بثمن بخس ولم يستفد منها الابن الأكبر ولا أخته الشقيقة إلا نصف قيمتها.

• ثمن الأراضي الآن تغير عن السابق تغيرا جذريا، فأصبح منه ما يصلح مباني ويباع بالمتر.

• عند زواج الابن الصغيرـ فتوح ـ كان من الممكن أن يباع له كما بيع لإخوانه لولا تدخل الأم وموافقة الابن الأكبر علي شروط لم تتحقق فيما بعد وتحمل جميع نفقات الزواج له مع التوضيح سالف الذكر: وهو أن الأخ الأصغر سدد بعضا من هذه التكاليف بأقساط.

• المنزلان قام الابن الأكبر ببنائهما وتشطيبهما وتركيب الكهرباء والمياه والصرف الصحي.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن السؤال يكتنفه شيء من الغموض، وليس منصبا على كيفية تقسيم الميراث فحسب، بل على كثير من المسائل الشائكة التي ذكرها السائل في ثناياه، والعلاقة الغامضة للفلاح بالتركة، ولماذا لا يتم البيع إلا بموافقته، وهل هو شريك أم معتد؟، والذي يمكننا قوله إجمالا هنا ما يلي:

إذا كان والدكم قد توفي عن زوجة وابنين وابنة واحدة ولم يترك وارثا غيركم كأب أو أم أو جد أو جدة، فإن لزوجته الثمن، والباقي يقسم بين ابنيه وابنته تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين، فتقسم التركة كلها على ٤٠سهما، للزوجة ثمنها ٥ أسهم، ولكل ابن ١٤ سهما، وللبنت ٧ أسهم، وأختكم من الأم ليس لها نصيب من تركة أبيكم لكونها غير وارثة له، ولها نصيب من تركة أمها.

ولا يجوز أن تُقرب أموال القصر من الورثة إلا بما فيه مصلحتهم، كما قال الله تعالى: وَلَا تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلَاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ {الإسراء:٣٤} . والتي هي أحسن هي الأكثر نفعاً لليتيم، كما قال أهل التفسير، وذلك بكل وجه تكون فيه المنفعة لليتيم، وفي الحديث الشريف: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجة.

فإذا كانت الأم قد باعت شيئا من تركتهم لمصلحة راجحة فالبيع صحيح ولا حرج في ذلك، وما أنفقته الأم في تزويج بعض الورثة يخصم ذلك المال من نصيبه في التركة، ولا يجوز أن يحسب من نصيب غيره من الورثة، إلا إذا كان ذلك الغير بالغا رشيدا فأخذه منه طيبة به نفسه.

وما قام به الابن الأكبر من تسديد الديون المستحقة على التركة والضرائب ونحوها إن كانت الديون والضرائب مستحقة على التركة قبل وفاة الأب فإنها تخصم من التركة، ويسترد الابن ما أنفقه من التركة قبل قسمتها؛ لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، لقول الله تعالى في آيات المواريث: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: ١١} .

وإن كانت الديون قد استحقت على التركة بعد وفاة الأب فإنها تخصم من نصيب الورثة كل على حسب نصيبه الشرعي من التركة، فمن له الثمن دفع ثمن الدين، ومن له سدس دفع سدس الدين وهكذا، وللابن الأكبر الحق في مطالبة الورثة بما دفعه عن الورثة في تسديد الدين والضرائب إن لم يكن دفعه على سبيل التبرع، فإن كان دفعه على سبيل التبرع فليس له المطالبة لعدم جواز الرجوع في العطية.

ومثل ذلك ما دفعه الابن في مصاريف الكهرباء والمياه والمصاريف الشخصية للورثة إن كان دفعه تبرعا فليس له الحق في المطالبة بها، وإن كان دفعه بنية الرجوع عليهم فله المطالبة بذلك. وكذا ما دفعه في تجهيز جنازة الأم يخصم من تركة الأم إذا لم يفعل ذلك تبرعا.

البيت الذي بناه الابن بماله الخاص وأضافه إلى بيت الورثة يكون للابن فقط، وليس لبقية الورثة نصيب فيه إلا إذا كان الابن قد وهب البيت لهم، فيكون البيت حينئذ من جملة بيت الورثة، ومجرد إضافته لبيت الأسرة لتوسعته لا نرى أنها دليل على نية الهبة.

وللابن الأكبر الحق في مطالبة أخيه الأصغر بالمال الذي أنفقه في تزويجه ما دام فعل ذلك بنية الرجوع وأخذ مقابله من الأرض، وتخصم الأقساط التي دفعها من الدين.

والذي نوصيكم به جميعا بعد ـ تقوى الله تعالى ـ هو رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية عندكم أو مشافهة بعض أهل العلم به، ولا نرى أن تكتفوا بما كتبناه لكم، لظننا أن ملابسات المسألة غير مكتملة، وفيها بعض الدعاوى التي قد لا يقر بها الطرف الآخر، ونحن لسنا في مقام القضاء بل الإفتاء، ومشكلتكم تحتاج إلى قضاء وليس إلى إفتاء.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ رجب ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>