للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[موقف الأبناء من أبيهم الذي لا يصوم]

[السُّؤَالُ]

ـ[والدي لا يصوم شهر رمضان أبداً (ومع ذلك هو لا يقطع الصلاة) وهو كثير التدخين ونحن نعرف أن هذا ليس عذراً له، ولكن ماذا نفعل عندما ننصحه لا يعجبه كلامنا فيصرخ في وجهنا ويقول أنا من سيحاسبني ربي وليس أنتم، وفي بعض الأحيان يخاصمنا بسبب ذلك.

مع العلم أنه يعمل لنفسه الشاي في الصباح في رمضان ويشرب أمامنا ويدخن السجائر ونحن صائمون حتى إننا نستحي مما يفعله.

١) فإننا نريد أن نعرف هل نحن مشتركون معه في عدم صيامه؟

٢) هل يجوز لنا أن نأكل من الأطعمة التي يُحضِرُها لنا في رمضان؟

أفيدونا أفادكم الله، ونريد منكم إجابة كافية تزيل عنا الحيرة والقلق لأننا لا نعرف ما المفروض علينا فعله مع أبينا في هذا الشهر الفضيل.

وجزاكم الله خيراً ووفقكم في العلم والإيمان]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من أفطر في نهار رمضان من غير عذر مبيح للفطر فقد أثم إثما عظيما، وتجب عليه التوبة النصوح وقضاء ما عليه من الأيام التي أفطرها، أما أنتم فعليكم نصحه بالحكمة والموعظة الحسنة، فهذا من البر والإحسان، وفي قصة إبراهيم عليه السلام شاهد على ذلك. حيث يقول لأبيه: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم: ٤٥} . كما ينبغي مراعاة لزوم الأدب الرفيع والألفاظ المناسبة والبعد عن التعنيف لما في ذلك من العقوق، وليكن الغرض الأسمى هداية الأب مع الدعاء له بالهداية، والتحلي بالصبر. قال تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان: ١٧} . وبهذا تبرأ ذمتكم من الإثم إن شاء الله. قال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ {الغاشية: ٢٢} . وقال تعالى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ {الشورى: ٤٨} . وقال صلى الله عليه وسلم: فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع. رواه مسلم عن أم سلمة. أي الإثم والعقوبة على من رضي وتابع. ذكره النووي، فما دمتم منكرين عليه ولو بقلوبكم فلا يلحقكم إثم من جراء أخطائه. قال تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الزمر: ٧} . أما الأكل من الأطعمة التي يحضرها لكم فلا شيء فيه مادام ماله حلالا.

والله نسأل أن يشرح صدر أبيكم للتوبة والهداية، وأن يتوب علينا وعليه وعلى جميع المسلمين.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٥ شوال ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>