للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[العدل بين الأبناء في الهبة مذهب المحققين من أهل العلم]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو إفتاء هذا الرجل: يقول: أنا رجل سبعيني (أرمل) لدي ولد وخمس بنات اشتريت قطعة أرض ساهمت فيها زوجتي (رحمها الله) وثلاث من بناتي (ولدي وابنتاي المتبقون لم يساهموا بشيء) مساهمة زوجتي وبناتي الثلاثة كانت عطية لا قرضا ولا بنية الشراكة بعد مرور زمن بعت الأرض واشتريت بثمنها منزلا، كتبت هذا المنزل لاثنتين من بناتي (قد بقيتا معي في المنزل إذ لم تتزوجا، إحداهما كانت قد ساهمت في شراء الأرض سابقا والأخرى لم تفعل) ولم أكتب حصة في المنزل لأولادي الآخرين لأنهم لكل منهم منزل، لاحظت أن باقي أولادي غير راضين رغم أنني أعطيت كلا منهم مبلغا ماليا (غير كبير ولا يساوي حصصهم) في سبيل إرضائهم وقبلوه في البداية ثم وبعد مدة بان عدم رضاهم، أنتظر فتواكم في هذا الأمر حتى أصلح بما يرضي الله أي ذنب أو خطأ اقترفته؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيبدو من السؤال أن هذا الرجل لم يسو بين أبنائه في العطية عندما أعطى لبعضهم مبالغ صغيرة وخص اثنتين من بناته بالبيت الذي تفوق قيمته تلك المبالغ، والتسوية بين الأبناء في العطية اختلف أهل العلم في حكمها فذهب الجمهور إلى أنها مستحبة، وذهب بعضهم إلى أنها واجبة وهو ما رجحه المحققون وذلك لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم. وقال صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن. وقد سبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: ٦٢٤٢.

وعلى ذلك فإن على هذا الرجل أن يعطي مبالغ مالية لمن لم يعطها له من أبنائه وتكون مساوية لما أعطى للآخرين -إذا كان يستطيع- وإلا فإن عليه أن يرد ما أعطى للجميع.

ثم إن كتابة البيت لابنتيه إذا لم تكن هبة ناجزة وتتم حيازته من قبلهما بالفعل فإنها لا تصح ولا تمضي شرعاً؛ بل يكون البيت تركة على جميع ورثته إذا توفي، وكذلك إذا كان القصد منها أنهما تأخذانه بعد وفاته فإنه لا يصح أيضاً ولا يمضي لأنه بمنزلة الوصية، والوصية لا تصح لوارث، ولذلك فالحل أن يترك المنزل لنفسه ولورثته من بعده، وأن يعوض ابنتيه مبلغاً مساوياً للمبالغ التي أعطى لإخوتهما حتى يتم العدل بينهم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٥ جمادي الأولى ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>