للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[قضاء الله تعالى يجري وفق حكمة تامة]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما الحكمة مما يجري في فلسطين الحبيبة من دمار وتجويع، هل هذا ابتلاء من الله ليعرف الصابرين، أم هو حكم ظالم ومحتل مجبرون عليه، وما هو أضعف شيء أستطيع أن أساعد به أهل فلسطين وهل الدعاء لهم كافٍ؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن قضاء الله تعالى يجري كله على وفق حكمة تامة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، ومن ذلك تكفير السيئات ورفع الدرجات، وتمحيص ما في قلوب المؤمنين، واستخراج أنواع من العبوديات يحبها الله تعالى كالتوبة والإنابة والصبر والرضا والتوكل والاستعانة والافتقار لله عز وجل، واصطفاء الله منهم شهداء وتمييز الطيب من الخبيث ... وبالنسبة للظالم المعتدي يزداد إثماً واستحقاقاً لعذاب الله ولمحقه في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ* أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ {آل عمران:١٣٩..١٤٢} ، وقال سبحانه: وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلَاّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ* مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ. {آل عمران:١٧٦..١٧٩} .

قال السعدي: فلا يظن الذين كفروا بربهم ونابذوا دينه وحاربوا رسوله أن تركنا إياهم في هذه الدنيا وعدم استئصالنا لهم وإملاءنا لهم، خير لأنفسهم ومحبة منا لهم، كلا ليس الأمر كما زعموا، وإنما ذلك لشر يريده الله بهم، وزيادة عذاب وعقوبة إلى عذابهم، ولهذا قال: إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين. فالله تعالى يملي للظالم، حتى يزداد طغيانه ويترادف كفرانه، حتى إذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر، فليحذر الظالمون من الإمهال، ولا يظنوا أن يفوتوا الكبير المتعال. انتهى.

وقال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وحسنه الألباني ... وقد سبق أن ذكرنا حكمة الابتلاء وثواب الصابر عليه وعاقبته، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ١٣٢٧٠، ١١٧٠٨٠، ١٠١٠٠٧، ٧٢١١٨، ١٨٧٢١.

كما قد سبق أن بينا تفاوت مسؤولية كل مسلم عما يحدث في غزة وغيرها من مآس، بحسب حاله وقدرته في الفتوى رقم: ١١٧١٥٣، وفي الفتوى رقم: ١١٧٢٤٧.. وكذلك سبق أن ذكرنا بعض الطرق لنصرة المسلمين المستضعفين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٤٧٦٩٤، ٧٥٤٤٧، ١٠٢٣٧٣ وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٤ صفر ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>