للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حذر المرأة من ذئاب البشر وتقديمها ذا الخلق والدين عند الزواج]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا جد خاجلة من أسئلتي لكنني بصراحة في حال يرثى لها حيث وبجنون فكرت بالانتحار لكنني أعرف أنه حرام. أنا يائسة جدا أحتاج لمن أحكي له بصراحة. أنا فتاة عمري ٢٣ سنة مقيمة بإسبانيا منذ أكثر من ١٠ سنوات محترمة متحجبة جميلة محتشمة خطبني الكثير من الشبان لكنني لم أقبل بأحد منهم. أهلي يريدونني أن أتزوج وأمي وأختي دائما يضايقونني بكلامهم و"شرهم" وفكرت كثيرا لكنني لم أستطع أن أتزوج فقط لأنهم يطلبون مني ذلك. أراد العديد من الشباب التعرف إلي لكنني كنت أرفض لكنني بيأس شديد تعرفت على فتى هنا فأعجبني وأحببته رغم أنني تعرفت عليه منذ شهرين فقط فقام بتقبيلي عدة مرات لكن ليس في الفم رغم أنني كنت أرفض دوما وخصوصا في المرة الأولى حيث قمت بالشجار معه لأنه لم يسبق لي أن قبلني أحد أو لمس أحد يدي. كل هذا حصل لأنني لم أستطع التحكم في مشاعري أنا أعرف جيدا أنه حرام وأنا نادمة والندم يقتلني لكنني لم أكن أتوقع منه هذا لأنني فكرت أنه مثل جميع الشباب أن يطلب يدي فور تعرفه علي لكن المشكلة هي أنه طلب مني الذهاب معه للبيت وهذا السبب جعلني أتركه. أنا أحبه جدا رغم أنه يشرب الكحول. شيء غريب يجري كل الشباب الذين خطبوني وأعجبتهم احترموني ولم يطلب مني يوما حتى لمس يدي وأنا لأول مرة أعجبني فتى في حياتي لا يريد أن يطلب يدي رغم أنه لا يستحقني لأنه حتى الصلاة لا يصلي. من فضلك أجب علي أنا في حالة غير جيدة لهذا لم أبدأ بالمجاملة]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك أولا على ثقتك بنا ونسأل الله تعالى أن يحقق لك ما تبتغين وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك.

ونحسب أن أمرك أهون من أن يدعوك إلى القلق والتوتر فضلا عن التفكير في الانتحار، والذي هو الخسران المبين، وراجعي فيه الفتوى رقم: ١٠٣٩٧، وقد أحسنت بحذرك منه فكوني على ذلك.

واعلمي أن الزواج من الخير الذي ينبغي المبادرة إليه وخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه أسباب الفتن، ولعل أهلك أرادوا لك الخير بحثك على الزواج، وإن كانوا قد أخطأوا في أسلوب الترغيب فالتمسي لهم العذر، واحذري من أن تقع منك أي إساءة لأمك وإن قصرت في حقك، لأن في الإساءة إليها بأي إساءة وإن دقت وقوعا في العقوق وهو ذنب عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب.

وأما تعرفك على الشاب المذكور فنزغة من نزغات الشيطان أراد أن يقودك بها إلى الوقوع فيما يسخط الرحمن.

وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:٢١}

وتمكينك هذا الشاب من تقبيلك لا شك أنه ذنب، وندمك على ذلك أمر حسن، والأحسن منه أن تجعلي من ذلك توبة نصوحا مستوفية شروطها والتي سبق بيانها بالفتوى رقم: ٥٤٥٠.

ونرجو أن تأخذي من هذه الحادثة العبرة فتكوني على حذر من ذئاب البشر.

... والواجب عليك فورا قطع العلاقة مع هذا الشاب وأن لا تمكنيه من محادثتك أو الخلوة بك. وإن كان على الحال الذي ذكرت من شرب المسكر وترك الصلاة فهو ليس أهلا لأن يكون لك زوجا، فأهم ما ينبغي أن يكون محل اهتمامك دين المرء وخلقه، روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".

ونوصيك بعدم الإكثار من رد الخطاب فإن ذلك مدعاة لإعراض الناس عن التقدم لخطبتك خشية الحرج، فإذا تقدم لك أحد فاسألي عنه من يعرفه من الثقات، فإذا أثنوا عليه خيرا فاستخيري الله تعالى في الزواج منه، وسيقدر الله لك الخير بإذنه سبحانه، وراجعي في الاستخارة في النكاح الفتوى رقم: ١٩٣٣٣.

وأملنا في الله تعالى أن يكون الزواج من الرجل الصالح سببا لزوال كل ضيق قد تشعرين به، لأنه سيبني معك بيتا قائما على الإيمان وطاعة الرحمن، وهذا من أعظم أسباب السعادة. قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:٩٧}

ونوصيك في الختام بالحرص على مصاحبة بعض الأخوات المسلمات الصالحات.

والله أعلم.

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٢ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>