للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[العود في الهبة محرم]

[السُّؤَالُ]

ـ[كيف يرد الدين في مثل هذه الحالة: هناك شخص في سنة ١٩٧٠ أعطى لأصدقائه الثلاثة مبلغا وقدره ٢٠ ألف جنيه استرليني لكل منهم، الصديق الأول اشترى به شقة في عمارة، الصديق الثاني اشترى فيلا في منطقة سكنية، الصديق الثالث اشترى قطعة أرض هكتار. كان الأصدقاء كلما أرادوا مخاطبته بإرجاع المبلغ يرفض الرفض التام، ويتجاهل. بعد فترة ثلاثين عاما طالب كلا منهم بإرجاع الدين. الصديق الأول شقته أصبحت في عمارة قديمة لا تساوي ٥٠ألف جنيه استرليني، الصديق الثاني أصبحت فيلته لأنها في موقع ممتاز تساوي ٥٠٠ ألف جنيه استرليني، الصديق الثالث أصبحت أرضه لأنها في موقع ممتاز تساوي ٤ مليون جنيه استرليني. طالب الصديق الدائن كل شخص بإرجاع مبلغ ما يساويه عقاره. فهل هذا صحيح أم هو ربا؟ أفتونا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فينبغي النظر في حال ونية هذا الرجل، هل أعطى المال لأصدقائه هبة منه لهم وقرضا، فإن كان وهبه لهم فلا يحق له أن يطالبهم بالمال مؤخرا لأن هذا من العود في الهبة وهو محرم. لما في الحديث: لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وفي حديث الصحيحين: العائد في هبته كالعائد في قيئه.

وأما إن كان أعطاه لهم على سبيل القرض ثم اشتروا به عقارا فإن العقار يكون ملكا لهم، ويكون نماؤه كذلك مكلا لهم، فإذا أرادوا قضاء الدين فلا يجب عليهم إلا سداد المبلغ الذي أخذوه، ولا يجوز للدائن أن يطلب أكثر منه.

ويحسن بالفريقين أن يكون كل منهما سمحا في تعامله مع الآخر ليحصلا على الرحمة التي في الحديث: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى.رو اه مالك في الموطأ.

ولو أن الأصدقاء أهدوا بسخاء مما أعطاه الله لهم فأكرموا صديقهم وأهدوا له لكان طيبا، فقد حث الشرع على التهادي والمكافاة؛ كما في الحديث: تهادوا تحابوا. رواه مالك وصححه الألباني.

وفي الحديث: من صنع إليكم معروفا فكافئوه. رواه أبوا داود وصححه الألباني.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٦ رجب ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>