للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[السفر إلى بلاد الكفر أو القرض الربوي لتحصيل مسكن]

[السُّؤَالُ]

ـ[كنت قد طرحت عليكم سؤالا حول الموضوع المتعلق بالهجرة إلى البلاد غير الإسلامية حيث إن هدفي من ذلك هو الحصول على مسكن فكان الرد بأنه لا يجوز، وقد تراجعت عن هذه الفكرة, لكن عندما لجأت إلى البحث عن مسكن وجدت أن كل المعاملات تتم بالربا إذ يبيعون لك البيت ويقتطعون من راتبك الشهري على فترة قد تصل إلى أكثر من عشر سنوات، أنا استحوذت علي فكرة الهجرة ولكن لمدة قصد جمع رأس مال يمكنني من الحصول على بيت في بلدي المغرب، أريد تفصيلا واضحا ولا أريدكم أن تحيلوني على سؤال آخر؟ وجزاكم الله عني خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أنه لا يجوز الاقتراض بالربا مهما كان السبب الداعي إلى ذلك، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {البقرة:٢٧٨} .

لكن نصوص وقواعد الشريعة وأصولها دلت على أنه يجوز للمسلم فعل المحرم عند الاضطرار إليه، ومن ذلك قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:١١٩} ، ولقاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها، لقول الله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة:١٧٣} .

ومعلوم أن المسكن الذي يأوي إليه المرء من ضروراته المؤكدة، فمن لم يجد مالاً ليشتري به مسكناً، وكان لا يقدر على الاستئجار نظرا لقلة ما يحصل عليه من أجر مقابل عمله جاز له أن يشتري بيتا بقرض ربوي إن لم يجد قرضاً حسناً.

ولكن ينبغي أن تعلم أن ما ذكرته في سؤالك ليس من المعاملات المحرمة، فكون المقرضين في بلدك يبيعون لك البيت ويقتطعون من راتبك الشهري على فترة قد تصل إلى أكثر من عشر سنوات لا يعتبر ربا، طالما أن فترة الاقتطاع محددة.

وأما عن هجرتك إلى بلاد الكفر لتحصيل أمر لم يتيسر لك في غيرها، فإن أمنت على نفسك وأهلك الفتن، وقدرت على إقامة شعائر الإسلام فلا بأس بها، وإن لم تأمن الفتنة في دينك فإنها لا تجوز لك.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٠ رجب ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>