للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[يمنعه إخوته من بيع أرضه ويرهبون من يريد شراءها]

[السُّؤَالُ]

ـ[يمنعني إخوتي من بيع أرضي التي أملكها بدعوى أنهم يخافون أن أخسر ثمنها، وأنا أظن أنهم يمنعونني طمعا فيها، فهم يمكن أن يشتروها إن قبلت بمبلغ أقل كثيراً عن ثمنها في السوق، وكذا يمنعونني لسبب آخر وهو ترهيب بقية إخوتي الصغار من أن يطلبوا نصيبهم من ميراث أبينا الذي توفي منذ ١٢ عاما، علما بأني بالغ عاقل راشد، أعمل محاسبا لمدة ١٣ عاما، ومتزوج ولدي ولدان صغيران، وأرضي زراعية، وتوجد في مكان بعيد عن مكان عملي وسكني، وأجد مشقة في زراعتها، وأعتقد جازما أني إن مت لن يصل لأولادي ولا لزوجتي شيء من الأرض، بل سيستولي عليها إخوتي، وقد أوصيت زوجتي إن مت أن تمكث بالشقة التي نسكنها ولا تذهب خلف الجنازة مخافة أن يستولى إخوتي على الشقة، وأنا أقاطعهم من أجل الضغط عليهم ليسمحوا لي ببيع أرضي وألا يرهبوا من يريد شراءها كما يفعلون الآن، فهل مقاطعتي لهم ودعائي عليهم ومقاضاتي لهم حرام أم يجوز لي ذلك؟ علما بأني أظنهم قليلي الدين وأشهد أنهم أكلوا كثيرا من حق أختي الكبرى دون رضاها وجزءا من حقي، ويمنعون زوجة أبي -رحمه الله- من استلام نصيبها ونصيب أولادها القصر من اثنى عشر عاماً، وهي قاضتهم أربع سنوات ولم تصل لشيء لعدم إثبات أملاك أبي -رحمه الله- بورق رسمي؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أمرنا الشرع بصلة الرحم حتى لمن يقطعنا أو يسيء إلينا، فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. صحيح البخاري. لكن إذا كانت مقاطعتك لإخوتك سبيلاً للحصول على حقك وردهم عن الظلم، فليست هذه من المقاطعة المنهي عنها، وأما مقاضاتك لهم للحصول على حقك في بيع أرضك فلا حرج فيه، ودعاؤك عليهم جائز بشرط أن يكون بقدر ظلمهم، ولا تتعدى فيه، وإن تركت ذلك ودعوت لهم بالهداية فهو أفضل.

ولا شك أن ما يفعله إخوتك من منعك من بيع أرضك، ومنع إخوتهم من حقهم، وأكل حق الأخت، ومنع زوجة أبيكم وأولاده من حقهم - كل ذلك ظلم بيّن وتعدٍ لحدود الله، واجتراء على حرماته.. مع التنبيه على أن إخوتك الصغار إن كانوا غير بالغين رشداء فلا يسلم إليهم نصيبهم من الميراث، وإنما يسلم إلى من أوصى إليه الأب أو من عينه القاضي وصياً على مالهم حتى يبلغوا ويؤنس منهم الرشد، فيدفع إليهم مالهم، وينبغي لك مناصحة إخوتك والاستعانة بمن يظن أن له تأثيرا عليهم لدفع الحقوق لأصحابها وتخويفهم عاقبة الظلم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٦ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>