للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[العبادات الصحيحة المقبولة تظهر ثمرتها على أصحابها]

[السُّؤَالُ]

ـ[تم إجراء مخالعة سابقة بيني وبين زوجتي وأعطيتها كامل مهرها على أساس وجود ثلاث طلقات، وبعد مرور شهر واحد تم سؤال دار الإفتاء في المدينة وأفتى بوجود طلقتين صحيحتين فقط وأراد أهلها ردها إلى منزل الزوجية ولكن بمهر كبير خوفا من تكرار الأمر، وخوفا على الأولاد قبلت ذلك وكتبت على نفسي مبلغا من المال غير المقبوض على الرغم من حالتي المادية الضعيفة، أتفاجأ بعد سنة بأنها تخبرني بأنها تزوجتني بعقد فاسد والمفتي الذي أفتاها المرة السابقة كان مخطئا، وخرجت من المنزل ورفعت قضية إلى المحاكم مطالبة بمهرها فقط، واعتبرت نفسها زوجة بشكل صحيح، مرت سنة ونصف في المحاكم والحكمين والقاضي لا يحكم بالطلاق خوفا من خراب البيت، وبعد أخذ ورد بين المحاكم والعودة ثانية إلى دار الإفتاء التي أقرت بصحة العلاقة الزوجية طالبتني بمهرها حتى تعود إلى البيت ولكن الضائقة المالية التي أعيشها لا تمكنني حتى من القيام بواجباتي نحو أطفالي الذين هم بحضانتي، وعلى كل حال تم الاتفاق أخيراً بعد جدال أن أعطيها المبلغ الذي دفعته للمحامي والمحكمة حتى تعود وذلك لإثبات حسن النية فقمت بالاستدانه بمبلغ من المال وهو عبارة عن راتب سنة كاملة، لأفاجأ وبعد استلامها المبلغ أنها تطلب المزيد فيومها غضبت غضبا شديداً حتى أنني قد قررت قتلها هي وأخيها الذي يلعب بعقلها، ولكن في الطريق لم أشعر بنفسي سوى أنني مستلق في سيارة الإسعاف وتم إسعافي إلى المستشفى وأعطيت مهدئات ومنومات، رجعت إلى المنزل وقمت بالاتصال بها وقلت وبالحرف الواحد أنتي طالق طالق طالق وبثلاثة وقد كنت عازم النية وأمام شهود، لن أسأل عن الطلاق لأنه واقع بل وعازم عليه، ولكن هل الإسلام فقط بالصلاة والصيام ولكن الإسلام معاملة، ضحكت علي وقامت بأخذ المال مني وتركتني أنا وأطفالي عرضة للمهانة وهل يحق لها ما فعلته، ألا يعتبر هذا المال سرقة، وهل أنا المظلوم أم الظالم والله يشهد على أنني لم أرد سوى الخير لها ولأطفالي؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإسلام هو كل ذلك من صلاة وصيام ومعاملة حسنة وغير ذلك من أحكامه وتعاليمه، وإن كانت المعاملة الحسنة وكف الأذى عن الغير يعتبر ركنا ركينا، وبدون ذلك تكون تلك الأعمال من صلاة وصيام وغيرها أعمال لا روح لها ولا ثمرة مما يدل على خلل فيها، فالصلاة الصحيحة المثمرة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والصوم يثمر التقوى وكف الأذى.

وهكذا باقي العبادات المأمور بها شرعاً فروحها وثمرتها هي ما يظهر على السلوك من خلق الإيمان والالتزام والتعامل الحسن، ففي الحديث عند أحمد وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله؛ إن فلانة يُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار. قال: يا رسول الله؛ إن فلانة يُذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وأنها تصدق بالأثوار من الإقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في الجنة.

وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: ... وأن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل. حسنه الألباني.

وبناء عليه؛ فالإسلام والإيمان بنيان متكامل قول واعتقاد وعمل، وبحسب ما التزم المرء به من ذلك يكون إسلامه، وزوجتك عفا الله عنها وأصلحها قد أخطأت في حقك وكلفتك ما لا تطيق، ولكن ننصحك بعد أن كان ما كان وطلقتها طلاقاً لا رجعة فيه وأنت مصر على ذلك وعازم عليه أن تتناسى ما كان منها وتبحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين لتسعد نفسك وتقر عينك وتقوم على رعاية أبنائك إن كانوا بيدك.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ ذو القعدة ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>