للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[طرق رأب الصدع بين الزوجين]

[السُّؤَالُ]

ـ[فضيلة المفتي جزاكم الله خير الجزاء، سؤالي هو: لي أخت تزوج زوجها عليها قبل مدة وعندما تزوج الثانية أعطى الزوجة الأولى بعض الذهب حتى ترضى وباقتناع منه، كما أنه سبق أن كاتبها بالمنزل الذي تسكن فيه معه بيعاً وشراء، وبمستند شرعي صحيح، وأخيراً حدثت بينهما مشاكل وضربها كثيراً بشكل لا يرضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين، ولم يفلح صبرها عليه في أن يعود إلى رشده فاضطرت إلى اللجوء إلى أهلها وطلبت الطلاق للضرر والكره نتيجة أفعاله، ولكنه اشترط كي يطلقها أن تعيد إليه ما أعطاها من ذهب وكذلك المنزل الذي باعه لها مدعياً أنه باع عليها مراضاة لها كي تقبل بزوجته الثانية، وأنه لم يأخذ منها ثمنه، فما رأيكم فضيلة الشيخ في طلبه وما رأي الشرع، مع العلم بأن الزوج كثرت أمواله مؤخراً وكانت أحد أسباب ظلمه ورجائي أن لا ترجعوا الأمر إلى المحاكم الشرعية لأننا نريد أن نتبصر منكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلى الزوج والزوجة أن يؤدي كل منهما ما يجب عليه من حق تجاه الآخر وأن يتعاشرا بالمعروف، فإن دب بينهما خلاف أو نزاع فعليهما أن يعالجاه بحكمة ومسؤولية، فإن كبر الخلاف واتسعت مسافة الشقاق ولم يفلحا في تسويته فليحكما بينهما حكمين من أهله وأهلها من أهل العدالة وحسن النظر والبصر بالفقه لينظرا في أسباب الشقاق والخلاف ويصلحا بينهما، كما قال الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:٣٥} .

وعليهما أن لا يلجآا إلى الطلاق، إلا بعد استنفاد كل وسائل الإصلاح، فالصلح خير، فإن رأيا أن لا سبيل إلى الصلح، فلهما -إن رضي الزوجان- النظر في الطلاق، فإن كان النشوز والضرر واقعاً من الزوج على الزوجة فيفرقان بينهما دون غرم تغرمه المرأة، وإن كان النشوز من المرأة فيأخذان منها للرجل ما هو مخرج لها من ملكه ويطلقاها عليه.

قال في المدونة: وإذا حكم الزوج والمرأة الحكمين في الفرقة والإمساك فقد حكماهما فيما يصلح ذلك بوجه السداد منهما والاجتهاد، قال: قال مالك: إن رأيا أن يأخذا من المرأة ويغرماها مما هو مصلح لها ومخرجها من ملك من أضر بها، ولا ينبغي أن يأخذا من الزوج شيئاً ويطلقاها عليه. انتهى.

فإن لم يحكما حكمين فللزوجة رفع أمرها إلى القاضي وإثبات نشوز الرجل والضرر الواقع عليها منه وطلب الطلاق، فإن لم تثبت نشوزه والضرر الواقع عليها، وأرادت الطلاق لكرهه وعدم إطاقتها العيش معه، فلها أن تخالعه بإعطائه ما طلب منها حتى تفتدي منه، لقوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة:٢٢٩} .

مع التنبيه إلى حرمة طلب المرأة الطلاق من زوجها لغير عذر شرعي، لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. أخرجه الترمذي وأبو داود.

وأما قضية البيت فهي تدعي ملكيتها له بشرائه منه وهو ينكر البيع ويدعي عدم أخذ ثمن مقابل البيت، وإنما أرضاها به لكي يتزوج بالثانية، فهذه قضية مرجعها للمحكمة الشرعية فهي المخولة بالفصل في قضايا المناكرة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ ذو الحجة ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>