للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الضحك عند الاستهزاء بالدين]

[السُّؤَالُ]

ـ[بالله عليكم أجيبوني بأسرع وقت بالله عليكم. هل من ارتد عن الدين وأراد الرجوع إلى الإسلام عليه الغسل لكي يعود إلى الإسلام؟ وهل إذا أحد سخر من الدين أو من أنبياء الله وأضحكني بسخريته فحاولت كبت الضحكة ولم أستطع فهل أنا مرتد؟ بالله عليكم أجيبوني بالله عليكم بالله عليكم أجيبوني بسرعة]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الاغتسال ليس شرطا في صحة توبة المرتد كما سبق في الفتوى رقم: ٥٨٠٩٧.

أما الاستهزاء بالدين أو الأنبياء فهو كفر مخرج من الملة، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ١٨٤٥، ٢٦١٩٣، ٤٨٧٩٠ فليرجع إليها، ولا يتجرأ على هذا الفعل إلا من كان قاسي القلب قد استحكمت غفلته لا يخاف الله ولا يراعي حدوده.

وعلى المسلم أن ينكر هذا المنكر العظيم ما استطاع، ولا يجوز له الجلوس مع من يتجرأ على هذا الفعل لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ {النساء: ١٤٠} قال ابن كثير رحمه الله: أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها وأقررتموهم على ذلك فقد شاركتموهم في الذي هم فيه، فلهذا قال تعالى: إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ في المأثم. اهـ.

فيخشى أن يكون الضحك على مثل هذا الكفر وعدم نهي المستهزئ رضا وإقرارا وهو ينافي إنكار القلب الذي لا إيمان بعده كما في الحديث الذي رواه مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل، وراجع الفتوى ١٠٤٨، والفتوى رقم ٩٣٥٨.

أما إذا كان الضحك هجم عليك رغما عنك أو ضحكت على هيئة وشكل المستهزئ أو كان القول ليس استهزاءا صريحا ولا تنقصا بالدين وبالأنبياء ففي هذه الحالة ليس كفرا ولكن يلحقك الإثم لعدم إنكارك عليه، فعدم الإنكار عليه فضلا عن الضحك أمارة على ضعف الإيمان، إذ لو كان الإيمان قويا لعظم عندك الإنكار والغضب لله عز وجل بما يكون له أكبر الأثر في منع الضحك، وراجع الفتوى رقم: ٣٧١٢٥، ٤٢٧١٤.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٣ ربيع الأول ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>