للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل تخلع المضطرة حجابها أم تقترض بالربا]

[السُّؤَالُ]

ـ[أسأل الله أن تجدوا لي حلا لهذه الحيرة، جزاكم الله ألف خير وثبتكم لقول الحق.

أنا فتاة تونسية عشت مع أمي عند جدي بعد طلاقها من أبي منذ أن كنت في سن الثانية. تعبت أمي كثيرا حتى توفر لنا أنا وأختي كل ما نطلبه. لعبت دور الأب والأم معا ونجحت في ذلك بعون الله. فقد كانت الحضن الدافئ لكل أفراد العائلة بمنزل جدي، كانت حنونة، طيبة، صبورة، تقية ولم نشعر أبدا بأي نقص.

جاء دوري الآن بعد أن تخرجت أن أرد لها البعض مما قدمته لنا وهي تنتظر ذلك بكل لهفة كي تفتخر بي أمام العائلة وتحصد ثمرة تعبها.

المشكلة أنني متحجبة وفي بلادنا الحجاب ممنوع بحثت عن عمل بأي شركة حرة لكنني تفاجأت بأن أغلب الشركات ترفضنا خوفا على مصالحها أو تشترط أن ننزع الحجاب أثناء ساعات العمل.

أصبحت أعيش ضغطا كبيرا في الآونة الأخيرة خاصة بعد أن رفضت العمل بشركة طلبت مني نزع الحجاب أثناء العمل وهذه الشركة الوحيدة التي قبلت تشغيلي لكن مع هذا الشرط أما البقية فقد رفضوا طلبي دون مناقشة.

إنني فعلا حائرة بعد ما رأيته في عيني أمي من نظرة يأس، حزن وخيبة أمل، قالت بأنني لا أشعر بما تعانيه وبأني لا أريد أن أضحي من أجلها، بقيت تبكي أيام سهرها وخوفها علينا.

أصبحت حائرة هل أخضع لهذا الشرط وأتعامل معه على أنه وضع مفروض علي وأنا عبد ضعيف لا حول ولا قوة له إلا بالله خاصة وأن هذا هو رأي أمي. أو أبدأ بمشروع خاص أشتغل فيه لحسابي الخاص مع الحفاظ على حجابي وبهذه الطريقة أقدر على أن أعيل نفسي وأمي ويبقى لي للمستقبل مورد رزق حتى بعد أن أتزوج فليس لأمي غيرنا أنا وأختي كي نعيلها عند الكبر.

لكن هذا المشروع يتوقف على أن آخذ قرضا من بنك ربوي يوفر لأصحاب الشهادات العليا قروض بدون ضمان مع نسبة فائض قدرها ١٠ بالمائة مع العلم أنه لا توجد بنوك إسلاميه في تونس.

أعلم بأن التعامل مع البنوك الربوبية حرام وقد سبق أن رفضت العمل بأحد هذه البنوك عندما قدمه لي أحد الأقارب. أعلم بأن الله هو الرزاق وأنه علي أن أصبر لكني أصبحت أخاف على نفسي من الفتنة كما أن الوضع صعب جدا أن يتغير وأنا أشعر بالوحدة. أضف على ذلك أن أغلب من صبروا على هذا الوضع كان إما لأن لهم سندا كأب أو أخ يعينهم على الصبر أمام الأيام الصعبة أو الزواج. أما بالنسبة لي فليس لي أب أو أخ يسندني وأمي تعبت وأصبحت تفضل الصمت وأخيرا لا يمكنني الزواج قبل أن أرد دين أمي علينا.

آسفة لأني أطلت عليكم. أخيرا ادعوا لي بالثبات والحمد لله أن هدانا لهذا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من البلاء العظيم أن تمنع المرأة المسلمة المتحجبة من العمل في بلاد الإسلام بينما يسمح للمتبرجة بأن تجول وتصول دون أي عائق، فنسأل الله العظيم أن يعظم الأجر للمتحجبات المبتليات بهذا البلاء، وأن ييسر لهن أمورهن، وأن يرزقهن الرزق الحلال. وبخصوص سؤال الأخت السائلة الكريمة فنقول جوابا عليه: إن خلع الحجاب لأجل العمل لا يجوز، وعليها أن تصبر وتبحث عن عمل لا يلزمها بخلع حجابها، اما الاقتراض بفائدة فحرام أيضا لأنه ربا، والربا لا يجوز تعاطيه إلا في حالة الضرورة أو حاجة تنزل منزلة الضرورة بحيث يصعب تحملها عادة، فإذا وصلت الأخت الكريمة إلى هذا الحد جاز لها أن تقترض بفائدة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ ذو القعدة ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>