للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[أنتما شريكان في تلك الأرض، لكما غنمها وعليكما غرمها]

[السُّؤَالُ]

ـ[أساتذتي الأفاضل: اشترى صديقي قطعة أرض منذ ستة أشهر ودفع جزءاً من المال-٤٥٠ ألف جنيه- على أن يقوم بتسديد الجزء الباقي بعد مرور ستة أشهر، وكتب عقداً-ابتدائي- وبه شرط جزاء لمن يرجع في البيعة يدفع مبلغاً قدره ٥٠ ألف جنيه، وبعد مرور نحو خمسة أشهر وجد أنه لن يستطيع تكملة المبلغ، فطلب مني أن أشاركه في الأرض فاتفقنا على أن آخذ قطعة من الأرض-قيراطين- بنفس الثمن الذي اشترى به، ودفعت له ١٣٠ ألفاً على أن أقوم بتسديد الجزء المتبقي بعد مدة، ولم نكتب عقداً بذلك لتبادل الثقة بيننا، ومر شهر على ذلك الوضع، إلى أن جاء موعد التسديد لصاحب الأرض الأصلي كلها، فذهب صديقي ليدفع لصاحب الأرض باقي المبلغ فرفض صاحب الأرض أن يأخذ النقود، وفضَل أن يدفع الشرط الجزائي لزميلي ٥٠ ألفاً، ورجع في بيعته، وأخذ زميلي مبلغ الشرط الجزائي. السؤال هو: هل لي أنا صاحب القيراطين نصيب في الشرط الجزائي أم لا؟ علماً بأنه يقول إن فلوسي كانت ما زالت في البيت ولم يعطها بعد لصاحب الأرض، مع العلم بأننا اتفقنا اتفاقاً قاطعاً بأنني شريكه في الأرض بمجرد أن دفعت له الـ١٣٠ ألفاً. فهل آخذ نصيبي كاملأ من الشرط الجزائي بما يساوي نسبة فلوسي؟ وهل هناك اعتبار لفلوسه التي دفعها منذ ستة أشهر؟ بينما أنا فقد دفعت فلوسي له منذ نحو شهر فقط؟ أفتونا أفادكم الله فنحن في انتظار فتواكم على أحر من الجمر؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي اتضح من السؤال أن البيع قد تم بين شريكك وصاحبه، وإذا كان كذلك فليس للبائع التراجع عنه، وإن امتنع من تسليم المبيع -الأرض- فإنه يجبر على تسليمه، ولا يحق له التراجع، لأن العقد قد تم. إلا إذا أقاله المشتري عن رضى دون إلزام فلا حرج في ذلك، وكذلك المشتري لا يحق له في مثل هذه الصورة التراجع لتمام البيع ومضيه، وليس له أخذ أكثر مما دفع إليه من الثمن إلا إذا تمت الإقالة واعتبرت بيعا كما هو مذهب طائفة من الفقهاء فيجوز حينئذ أن يكون الثمن الثاني للسلعة أكثر من الثمن الأول.

وننبه إلى أن الشرط الجزائي المذكور باطل للزوم البيع وعدم إمكان التراجع عنه إلا برضا الطرفين. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: ٤٦٦١٢.

وإذا تقرر هذا، ف أنت شريكه في الأرض بما اتفقتما عليه من ذلك، وليس له أن يستقل بإقالة صاحب الأرض دونك بل لابد من رضاك بذلك، فإن رضيت به وأقررت ما فعله شريكك فلا حرج، وليس لك إلا ما دفعته من ثمن الأرض إلا إذا تمت الإقالة بأكثر من ثمن الأرض الأول فلك منه بقدر حصتك في الأرض، ولا اعتبار لكون الثمن المتفق عليه بينك وبينه نقدا أو في الذمة بل المعتبر هو حصول العقد وتمام الإيجاب والقبول بينكما ولو لم يوثق ذلك، وقد كان، فأنتما شريكان في تلك الأرض، لكما غنمها وعليكما غرمها.

وينبغي أن ترفع مسائل المنازعات إلى المحاكم الشرعية للبت فيها وإلزام كل طرف بما يجب عليه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠١ رجب ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>