للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[موقف الخاطب من خطيبته التي تصر عليه الاقتراض بالربا]

[السُّؤَالُ]

ـ[هذا أعتبره استفسارا عن رأي وليس فتوى، أسأل الله أن يوفقنا لما فيه خير الدنيا والآخرة. القصة أنني خطبت فتاة وافقت ووافق أهلها وهم يعلمون ظروفي المادية جيداً، وتأبى خطيبتي إلا أن آخذ قرضاً (ربوياً) من البنك من أجل أن أدفع لها مهراً (مرتفعاً باعتباري أنا) لأجلس حوالي سنة ونصف تقريباً وأنا أسدد للبنك مهرها. وإذا ناقشتها في هذا الموضوع تغضب وتعتبر أنني أحتقرها وأستخسر المبلغ فيها، أخبرها بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن شناعة جريمة الربا وعن فضل تيسير الزواج والمهور ولا أجد عندها جوابا، إلا أن تقول مثلي مثل غيري، ومع ذلك فهي مصرة على الربا وبدون أي مبالاة بقبح الجرم الذي يرتكبه الإنسان المتقدم له. لدرجة والله أني بدأت أشك أنها لا تعرف حتى تصلي (مع أنها تقول إنها تصلي) طبعاً هي ليست متدينة وتقول لي الشيء هذا بدون كذب لكن تقول إنها تصلي. أنا عارف أني أقدر أن آخذ تورقا (مباح) من البنك أو من أي مصدر آخر، لكن أنا متعجب من إصرارها على الربا. الآن وبعد ما بدأ الخلاف يزداد بيننا خصوصاً مع تجاهلها لي على التليفون ومعاملتها التي أعتبرها أنا احتقارا بمقياسي والغرور الذي أنا كنت أعتبره (دلع) مؤقت لكنه طال وزاد عن حده، صرت أفكر فعلياً أن أتركها. لكن المشكلة، أني أخاف أن أجرحها خصوصاً أن عمرها حوالي ٢٥ وليست موظفة وأخاف أن لا يتقدم لها أحد بعدي. أسأل الله للجميع التوفيق والسداد، ويا ليت إذا فيه شيء شرعي قد يدل إلى طريق قويم أنكم تنوروني لأني ما حصلت. ملاحظة: أنا لست متدينا ولا (مطوع) وأحلق لحيتي، لكن الحدود الكبيرة أسأل الله أنه يبعدني عنها.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك أن توافق على رغبة هذه المرأة في القدوم على الاقتراض الربوي فتعرض نفسك لعقوبة الله تعالى وحربه، فإنه سبحانه القائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: ٢٧٨ـ٢٧٩} . ولكي تعرف مدى خطورة هذا الذنب اقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية. رواه الحاكم وصححه.

وعلى هذا ينبغي أن تقنع هذه المرأة بالتخلي عن هذا المطلب لأن الشرع منعه، فإن قبلت ذلك وكانت ذات دين وخلق فلتمض في خطبتها، وأن أصرت على موقفها فلا خير لك فيها ما دام هذا حالها في تحريضها على ارتكاب ما حرم الله تعالى، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وينبغي أن تنبهها إلى أنك قد تضطر لتركها إذا هي لم تحسن حالها، فلعل ذلك يكون سببا لمراجعتها نفسها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ صفر ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>