للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم الدخول في عمل محرم لأجل تسديد الدين]

[السُّؤَالُ]

ـ[تعرفت إلى تجارة العملات (الفوركس) عبر الانترنت، وبعد أن أتقنت العمل بها تحريت أن تكون حلالا فاستقر يقيني على أنها حرام لكثرة ما بحثت وتحريت, فقررت الابتعاد عنها وعدم العمل بها, والآن معروض علي العمل عند شخص لإدارة محفظة عملات له مقابل أجر وأعرف أن الدال على الخير كفاعله والدال على الشر كفاعله، وقد كنت في السابق قد اقترضت من البنك لحاجتي الماسة للمال، والآن من فضل الله ومنه أمتنع عن الاقتراب من قروض البنوك، ولو كدت أهلك إلا أن تسديد البنك يرهقني ماديا, فهل يمكن لي العمل في هذه المحفظة وأخصص الأموال المتحصلة منه لسداد البنك حتى أتخلص من هذا الدين الذي يرهقني.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على حرصك على دينك وعلى تحرّيك لطرق الرزق الحلال نسأل الله أن يتقبل منك ويثبتك، ونحمد الله الذي منّ عليك وعافاك من العمل في هذا المجال المحرم وهو تجارة العملات وفق هذا النظام المسمى بـ"الفوركس"

وبعد ذلك نقول: يحرم عليك أيضا العمل في أي موسسة تعمل في هذا المجال لأن هذه التجارة تشتمل على جملة من المحاذير الشرعية منها: الربا وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء رواه مسلم.

وأيضا فإن العمل في المؤسسات الربوية حتى ولو كان في مجال الحراسة يعتبر من باب التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهانا الله عن ذلك، قال سبحانه: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ {المائدة:٢} ونحن مأمورون بإنكار المنكر، وعملك في إدارة هذه المحفظة إعانة على الإثم كما أنه يناقض إنكارك لهذا المنكر، إذ دخولك في هذه الوظيفة يستلزم العمل على مصلحتها، ومن أنكر شيئاً لا يمكن أن يعمل لمصلحته، فإذا عمل لمصلحته كان راضياً به، والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه.

واحتياجك للمال لسداد دينك لا يبرّر لك الدخول في الحرام بل عليك أن تستعف وتتقي الله، وتبحث عن طريق مباح, والله ذو الفضل العظيم، وهو الرزاق ذو القوة المتين، قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: ٢-٣} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطى الله أحدا من عطاء أوسع من الصبر. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.

وكن على يقين من سعة فضل الله سبحانه ورزقه وكفايته لعبده التائب المقبل عليه، وتذكر أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: ١٧٢٢٣، ١١٠٩٥، ٢٨٨٤٣، ٦٣٦٨٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٧ رجب ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>