للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الاستقامة على التقوى والجمع بين الخوف والرجاء]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو من المشايخ الكرام ألا يستثقلوا طول اسئلتي.... إنني شاب تاب منذ أقل من سنتين وأحسست في سنتي الأولى بالفتوح المتواصلة حيث كنت أتدرج شيئا فشيئا في طريق الالتزام ... رغم الفتن.. حتى أحسست بالقرب من الله الذي أحاطني سبحانه ببيئة طيبة ... ثم إذا بي أقع في أوحال من المعاصي القلبية من عجب ورياء ونفاق.... رافقه ابتلاء أمني وجدت نفسي معه منهارا.. بلا يقين ولا خشية ... بل بقنوط ... إلى درجات يندى لها الجبين ... وبلغ بي الحال إلى أنني أردت ترك الصلاة بالكلية إلا أن أحدهم أخبرني ما أنا فيه الآن نكسة قد أعاقب عليها ولكن عقاب الردة أشد فواصلت الصلاة وأنا موقن أن ذلك يخالطه الرياء ... حتى إنني إذا أردت أن أعصي علنا تذكرت رؤية الناس لي فتركت المعصية ... فلطالما راودتني نفسي على إسبال الإزار وعلى مصادقة زميلات الكلية..... وردني عن ذلك رؤية رفاقي لي.... ومع العودة إلى الدراسة هذه السنة وجدتني وقد أطلقت بصري فيما حرم علي ربي خاصة عندما لا يكون زملائي معي ... والله أنني غارق في بحر من الشهوات كلما أردت أن أخرج منه زدت غوصا فيه لأنني لست صادقا مع ربي ... الآن هجرت الدعوة والقيام لم أعد اقرأ القرآن إلا في المسجد ... حتى أنني أصبحت أتعلمه عند شيخ وأحس بأنني أخشى الخطأ أمامه أكثر من أن أخشى الخطأ وأنا أقرأ دون جهر أجوده أمامه وأقرؤه بجفاف وأنا أقرأ سراً.... وإذا ذكر أحدهم كلمة جهاد فلا تسأل عن حالي ... والله لقد تدنست نفسي ... والله أنني أصبحت مصيبة من مصائب الأمة المحمدية ... إنني الآن أحس بإرهاق وضغط نفسي كبير، وما زاد من إرهاقي هو إصابتي بسلس المذي فهل له من دواء، فأفيدوني بارك الله فيكم؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي ننصحك به هو أن تتقي الله تعالى وتتوب إليه من جميع الذنوب توبة صادقة وألا تعود إلى تلك المعاصي وألا تقنط من رحمة الله فإن القنوط من رحمة الله تعالى من كبائر الذنوب كما أن أمن مكر الله تعالى من كبائر الذنوب فعلى المسلم أن يكون خائفاً من الله تعالى طامعاً في عفوه ورحمته وسائر فضله وإحسانه، كما يجب عليك أن تلتزم بصلاتك فإن ترك الصلاة ليس بالأمر الهين إذ قد يؤدي للكفر والعياذ بالله تعالى، كما ننصحك بالتزام الطريقة التي كنت عليها من اجتناب المعاصي والمشاركة في الدعوة وقراءة القرآن وصحبة الصالحين وجاهد نفسك على تحصيل الإخلاص في عملك وألا تعمل العمل الصالح لأجل الناس ولا تتركه من أجلهم أيضاً أي خشية أن يكون رياء بل جاهد نفسك على الإخلاص، ومما يعينك على ذلك استشعار عظمة الله سبحانه، وأنه مطلع على ما يدور في صدرك وأنه الذي بيده أمرك كله سبحانه، وأن من يراك من الناس وأنت على العبادة لا يملك لك ضراً ولا نفعاً، فلماذا إذاً يصرف الإنسان أعماله وعبادته لطلب عبد مثله، وانظر لذلك الفتوى رقم: ٩٦٥٩٥ والفتاوى المحال عليها فيها لبيان علاج الرياء والعجب والنفاق.

أما فيما يتعلق بالقراءة على الشيخ وأنك تخشى الخطأ أمامه أكثر من خشيتك وأنت تقرأ وحدك فهذا أمر معتاد فإن من المعلوم أن كل من يسمع على أي أحد يحاول أن يأتي بالقراءة على أكمل وجه وليس هذا من الرياء فيما يبدو، لكن على المسلم أن يحترم القرآن ويجود قراءته سواء كان يقرأ وحده أو يسمع على شيخ، ولبيان ما يفعل من أصيب بسلس المذي راجع الفتوى رقم: ٧٧٠٨٩، وقد ذكر الفقهاء أن الزواج من علاج سلس المذي وبإمكانك مراجعة الأطباء.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٤ ذو القعدة ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>