للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[من صور الميسر والقمار]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب من أسرة فقيرة جدا كتب علي أن أكون أكبر أفرادها الذكور وذلك في عرفنا الاجتماعي يقتضي أن أكون مسؤولا عن إعالتهم خصوصا عند عجز الوالد وخصوصا النساء منهم مهما كانت أعمارهن ولا أخفيكم أنني وقد اقتربت من الأربعين ربيعا تمكنت من بقائهم على قيد الحياة مستورين أشرافا لايسألون الناس مهما كان خصاصهم وكان ذلك بفضل الديون التي تراكمت علي وكان التجار يعطونني بفضل الله ما أسألهم نظرا لحسن سيرتي بين الناس واليوم أفشي سري لأول مرة قصد الحصول على حكم الله ورأي الشرع ولو لم يكن ذلك الدافع لمات سري ودفن معي

كل ما في الأمر أنني أصبحت أرى أن السجن قادم لامحالة لأن هناك ديونا ترتبت، قدري أنني لا أستطيع الوفاء بها بالطريقة التي كنت أعيش بها وأنا قد اقتربت من الأربعين لم أكذب ولم أزن ولم أشرب خمرا ولم أشارك في قتل نفس ولو بشطر كلمة ولم أرتكب كبيرة في علمي، والله أعلم فهل ستهتز هذه الصورة إذا قدمت إلى المراهنة الشائعة عندنا وهي على فرق كرة القدم والمعتمدة أساسا على التخمين بأربعة عشر فائزا فإن أصبت فلك مبلغ من المال علما بأنك تدفع من أجل هذا أيضا مبلغا زهيدا

هذه بعد تفكير عميق أخف الأضرار في رأيي إذا سمح الشرع بذلك كي أبقي سقفا يقي إخوتي شر الأيام وذئاب الطريق لأني أعلم أني حين أتوقف أو يكون مصيري ما أخافه الآن سيحل مصير مظلم بأسرة ذكرت الله كثيرا]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيراً على قيامك بكفالة أسرتك، ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزانك يوم القيامة، وأن يفرج كربك ويقضي عنك الدين، واعلم أن المراهنة التي ذكرتها هي قمار وميسر محرم، فلا يجوز لك أن تقدم على ذلك، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة: ٩٠} ومعلوم أن الفوز في هذه المراهنة أمر مظنون وليس بمحقق، وحتى لو فرض أنك فزت فالمبلغ الذي سوف تحصل عليه أكل لأموال الناس بالباطل، ولذا فالذي نوصيك به هو الإكثار من الدعاء ولا سيما ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قلت بلى يارسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي وقضى عني ديني. وراجع للأهمية الفتوى رقم: ٥٤٥١٩، والفتوى رقم: ٧٧٤٣، والفتوى رقم: ١٩٥٢، والفتوى رقم: ٧٧٦٨.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٠ رمضان ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>