للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدبلوماسي إذا اشترط عليه خلع حجاب امرأته في المناسبات]

[السُّؤَالُ]

ـ[جاءتني فرصة عمل كانتداب في السلك الدبلوماسي لبلدي في فرنسا، ولكن من أحد الشروط ألا ترتدي زوجتي المحجبة حجابها أثناء المناسبات الرسمية (احتفالات، استقبالات ... ) في هذا البلد المعروف بعدائه للحجاب، فما رأي الشرع في ذلك، علما بحاجتي أنا وأسرتي لهذا الانتداب للارتقاء بالمستوى الاجتماعي والمادي؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أن الحجاب الشرعي فريضة واجبة على المرأة المسلمة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال الله تعالى آمراً المؤمنات به: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ.... {النور:٣١} ، فحرم عليها أن تكشف من بدنها ما يجب عليها ستره إلا للمذكورين في الآية الكريمة وهم الأزواج وآباؤهم ... إلخ.

أما الرجال الأجانب وهم من عدا المذكورين فلا يجوز للمسلمة أن تبدي شيئاً من ذلك لهم في بلاد الإسلام أو خارجها، وفي المناسبات الرسمية أو غيرها، فإن فعلت ذلك كانت مرتكبة لكبيرة من كبائر الذنوب، وفي الحديث: صنفان من أهل النار لم أرهما..... ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها. رواه مسلم.

هذا وإذا رضى الزوج بتبرج زوجته وظهورها أمام الأجانب كاشفة لما أمر الله به أن يستر مختلطة بهم على النحو الذي يُعرف في مثل هذه الأوساط وتلك الاحتفالات من تبرج وملامسة ومصافحة، فإن هذا الزوج متعرض للعقوبة الإلهية الواردة في الحديث الصحيح: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث. رواه أحمد وغيره.

والديوث هو الرجل الذي يقر الخنا والخبث في زوجته ومحارمه ولا يغار عليهن، جاء في الموسوعة الفقهية: عرفت الدياثة بألفاظ متقاربة يجمعها معنى واحد لا تخرج عن المعنى اللغوي وهو عدم الغيرة على الأهل والمحارم.

ولا ريب أن رضى الزوج بحضور زوجته هذه الاحتفالات والاستقبالات قد نزعت حجابها وتزينت بزينتها واستقبلت الرجال وصافحتهم وضاحكتهم، لا ريب أن ذلك من الدياثة المحرمة شرعاً.

وأما دعوى استباحة ذلك بحجة الارتقاء الاجتماعي فإن اعتقاد ذلك زيادة في الإثم، فالرقي حقاً هو الالتزام بأوامر الله تعالى وامتثال نواهيه، وليس الرقي أن نقلد غيرنا وننسلخ من هويتنا، هذا وقبيح بالمسلم رجلاً كان أو امرأة أن يعصي الله عز وجل طلباً لدنيا زائلة أو عرض فان، فلأن يربط على بطنه حجراً من الجوع خير له من أن يفرط في دينه وعرضه، وكيف والمسألة زيادة في المال وتوسع في الكماليات كما هي حالة السائل، نسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لما يحبه الله تعالى ويرضاه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ جمادي الثانية ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>