للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التوازن والشمولية من مقومات أهل الحق للنهوض بالأمة]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نود أن نشكركم على إجابتكم لنا على السؤال رقم ٤١٣٢٥ وجزاكم الله عنا خيرا، وقد أشرتم إلينا بالرجوع إلى بعض الإجابات السابقة والخاصة بهذا السؤال، وقد قمنا بالفعل بالرجوع إليها ولكن لنا بعض الأسئلة الأخرى حول هذا الموضوع:

١ – بالنسبة إلى الفتوى رقم ١٧٧١٣ فهناك سؤال: فما هو الاختلاف بين جماعة الدعوة والتبليغ وبين أهل السنة والجماعة؟

٢ – بالنسبة إلى الفتوى رقم ٩٥٦٥ فهناك سؤال: لماذ يؤيد البعض ولماذا يعارض البعض؟ كذلك ما هو الذي يوافق الدليل وما هو الذي لا يوافق؟

٣ – بالنسبة للفتوى رقم ٥٩٠٠ فهناك سؤال: نود أن نعرف ما معنى الفقرة التي تقول " وليكن معلوما أيضا أن هذه الجماعات وإن كان قصد أصحابها نصرة الحق والدعوة إلى الالتزام بالإسلام إلا أنها ليست على قدم سواء في سلامة المنهج وشموله لجوانب الإسلام المختلفة والإسلام ليس محصورا في شيء منها.. "

ومن كل مما سبق نود أن نوضح لكم ما الذي تقوم به جماعات التبليغ والدعوة حتى توضحوا لنا ما هو موافق الدليل وما هو المعارض حتى نصل إلى طريق الحق والصواب.

١ – هذه الجماعة تقوم في المسجد الذي توجد به الجماعة بالأعمال الآتية:

أ –) القيام بالشورى (تتشاور في الزيارات لأهل المدينة، من يقوم بالتعليم في هذا اليوم في المسجد، كيف تخرج جماعات ٣ أيام أو ٤٠ يوماً أو ٤ شهور للدعوة ... إلخ من أي موقف أو مشكلة)

ب -) تقوم بالتعليم في المسجد وغالبا ما يكون من كتاب رياض الصالحين كذلك تعليم في البيت.

ج -) يخرجون ثلاثة ايام من كل شهر في أي مسجد من المساجد.

د -) يفرغون وقتاً لله للزيارات يوميا للدعوة يتراوح ما بين ساعتين ونصف أو أكثر أو أقل على حسب الوقت المتاح لدى الأحباب.

هـ –) يقومون بعمل جولة أسبوعية عامة في الطرقات أو المنازل لتذكير الناس بالله كذلك جولة انتقالية لمسجد مجاور وتكون أسبوعية أيضا.

٢ – فى حالة الخروج ٣ أيام أو ٤٠ يوماً أو ٤ شهور أو أي مدة أقل أو أكثر.

أ -) فهم يقومون بالخمسة أعمال المذكورة سابقا لهذه المدد المذكورة أعلاه.

ملحوظة: بالنسبة للمدد ٣ أيام أو ٤٠ يوماً أو ٤ شهور أنا في اعتقادي وعلى ما قرأت أنا أريد توضيحكم عليه، الثلاثة أيام عندما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم سيدنا علي رضى الله عنه أن يدعو الناس ثلاثة ثم بعد ذلك يحاربهم، أما الآن فيمكن أن تكون الدعوة أو الحرب كما تعلمون! كذلك يمكن لكونها مدة قليلة ولتكون لاستمرارية العمل والحث على الخروج، أما بالنسبة لمدة أربعين فيوجد حديث إن كان ضعيفا وهو كما يلي (أخرج عبد الرزاق عن يزيد بن أبي حبيب، قال جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أين كنت؟ قال كنت في الرباط، قال كم رابطت؟ قال ثلاثين (أي ثلاثين يوما) قال فهل أتممت أربعين) كذا في كنز العمال ٢/٢٨٨) أما الخروج أربعة شهور لحديث البيهقي عندما أمر سيدنا عمر رضي الله عنه أن ينزل الجيش في فترة لا تتراوح ٤ شهور لزوجاتهم (هذا معنى الحديث) وهذا للعلم لتبريري وأنا أطلب التوضيح جزاكم الله خيرا

ب -) هناك آداب وأصول من الإسلام يلتزمون بها وهي:

طاعة الأمير – العمل الجماعي – الصبر والتحمل – آداب المسجد – دعوة الناس إلى الله – التعليم والتعلم – العبادة والذكر – الخدمة – قلة الطعام – قلة النوم – قلة كلام الدنيا – قلة الخروج من المسجد لغير حاجة – يتجنبون الإسراف، (الطمع) ، سؤال الناس , أخذ الشيء بدون إذن صاحبه –

ج -) يركزون على الصفات التي فقدت من المسلمين الآن والتي إذا كانت متوافرة لكان حالنا أفضل بكثير وهذه الصفات هي:

- اليقين بكلمة لا إله إلا الله وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله – الصلاة ذات الخشوع والخضوع – العلم والذكر – إكرام المسلمين – إخلاص النية – دعوة الناس إلى الله والخروج فى سبيل الله.

وهذه بالطبع ليست صفات الإسلام التي يأخذونها ويتركون ما سواها ولكن يأخذون كل ما جاء به الإسلام.

وأود أن أوضح لكم أن هذه الجماعة سمعت عنهم أشياء كثيرة منها، كان هناك شخص لا يصلي الفجر ولا يصلي في المسجد ولا يعرف صلاة قيام الليل ولكن بفضل الله وبسبب الجماعة أصبحت لا تفوته صلاة إلا في الظروف القاسية.

كذلك كان هناك حافظ للقرآن ويعلم الحديث والفقه ولكنه ذهب إلى دولة أوروبية وأخذ يشرب الخمر ويضرب زوجته إلى أن زارته هذه الجماعة وبفضل الله رجع إلى الله وأصبح يدعو الناس إلى الله، وغيرها وغيرها من القصص التي حدثت بفضل هذه الجماعة وبفضل أن هذه الجماعة تتنقل من مسجد إلى مسجد تجتهد بمالها وأنفسها وتنام في المسجد بنية الاعتكاف وتأكل في المسجد وتترك الأولاد والزوجة والمتعة على الفراش وتنام على أرض المسجد لتحيا حياة الصحابة في الدعوة والجهاد في سبيل الله لتقول قال الله وقال الرسول وترد أي مسألة فقهية إلى العلماء ليفتوا فيها، مع العلم بأنني أرى أنه من يريد الحكم على هذه الجماعة أن يخرج معها على الأقل ثلاثة أيام أو أي مدة تناسبه حتى يحس ويشعر بحلاوة التجول على الناس ويتذكر كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتجول ويؤذى من الناس، لأن الكلام النظري والدراسة الأكاديمية جميلة ولكن الحياة العملية شيء آخر، أما الجلسة في المسجد في الراحة وفي النعيم فهذا...!

كذلك يكفي أن تدعو هذه الجماعة وتقول: " اللهم اهد الإنس والجان وخصوصا في صلاة التهجد "

أرجوا أن أكون قد أوضحت لكم الصورة واضحة عن هذه الجماعة حتى تساعدكم على الحكم عليها ونحن في انتظار ردكم الكريم.

مع العلم بأن الجماعة لا تخرج فقط إلى جميع الدول ولكن تركز على ذهاب الجماعات الجديدة إلى الهند وباكستان وبنجلادش لمن يرعب لكي تدربهم على الأعمال فى المساجد.

كذلك أريد أن أعرف من هم المجاهدون ومن هم الدعاة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فنشكر الأخ الكريم على تواصله مع مركز الفتوى، ونسعد بأسئلته واستفساراته.

وفيما يخص الكلام على جماعة التبليغ نحب أن نبين أن هذا الموقع ليس معنياً بالكلام على الجماعات والطوائف، وليس هذا مجال تخصصه، فإن الحكم على جماعة حكماً مفصلاً دقيقاً يتطلب الوقوف على منهجها العلمي والعملي، وربما احتاج إلى مخالطتها والسير معها زمناً –كما أشرت في سؤالك- وهذا كله لا يتسع له المجال هنا، كما لا يخفى.

ولهذا، فنحن نحرص على أن نقدم ضوابط عامة في الحكم على الجماعات والعمل بها، مؤكدين على ضرورة الإنصاف والعدل والتحري في الحكم على الآخرين.

ونعتقد أن ما ذكر في الأسئلة السابقة واف بهذا الغرض والحمد لله.

وأما المراد بقولنا: (وليكن معلوماً أيضاً أن هذه الجماعات وإن كان قصد أصحابها نصرة الحق والدعوة إلى الالتزام بالإسلام؛ إلا أنها ليست على قدم سواء في سلامة النهج، وشموله بجوانب الإسلام المختلفة، والإسلام ليس محصوراً في أي شيء منها) فبيانه كما يلي:

١-الأصل المعلوم من خلال الوقوف على مناهج الجماعات الدعوية أنها جميعاً تسعى لخدمة الإسلام، ونصر الحق.

٢-هذه الجماعات ليست على درجة واحدة في سلامة المنهج، فمنها من يتبنى بعض الأفكار المخالفة لما عليه أهل السنة الجماعة، كتبني بعض مقالات الأشاعرة والماتريدية، أو بعض معتقدات الصوفية، أو انتهاج نهج الخوارج في استباحة الدماء وغيرها، أو سلوك طريق المرجئة في بعض مسائل الإيمان والكفر، أو اعتماد المنهج العقلاني القائم على تقديم العقل على النص، أو التعسف في تأويل النصوص استجابة لضغط الواقع، إلى غير ذلك من المخالفات التي تشوب مناهج بعض هذه الجماعات.

٣- وهذه الجماعات أيضاً ليست على درجة واحدة فيما يتعلق بالشمولية التي عليها الإسلام، فمنهم من جعل همه هو العمل السياسي مغفلاً جانب التربية والتزكية، ومنهم من يهتم بالعمل على حساب الدعوة والعمل، ومنهم من يغفل الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك، ومنهم من يحصر منهجه في الجهاد والإعداد له، ولا شك أن الإسلام شامل لكل هذه الجوانب.

وأن أهل الحق ينبغي أن يتحلوا بهذه الشمولية، وأن يكون لديهم التوازن الذي يمنع من طغيان جانب على حساب الآخر، وليس في الدين جوانب أو مسائل يمكن أن تتخلى عنها أي جماعة من الجماعات إن هي أرادت إقامة الدين كما أمر الله تعالى.

٤-وأما قولنا: (والإسلام ليس محصوراً في شيء منها) فهو واضح من خلال ما بعده، وهو قولنا: (وقصارى أمرها أن تكون طرائق في الدعوة وفهم الإسلام، والإسلام حاكم عليها، وأكثر المسلمين لا يتبعون أياً من هذه الجماعات، وفيهم العلماء والدعاة والمجاهدون ... الخ.

فليس الإسلام محصوراً في جماعة الجهاد، أو جماعة التبليغ، أو جماعة الإخوان، وإلا فما هو مصير الفئات الكثيرة التي لا تعرف هذه الجماعات، ولا تنتمي إليها؟!

هذه الجماعات إن هي إلا طرائق للدعوة وإقامة الدين، وفيها الخطأ والصواب، ولا يخلو كثير منها من التعصب المذموم، والتشرذم الممقوت الذي هو أحد عوامل ضعفها، وعدم وصولها إلى أهدافها رغم مرور أكثر من نصف قرن على ظهورها وتكونها.

هذا ما لزم التنبيه عليه، ونسأل الله أن يسلك بك طريق الحق والهدى عملاً بكتابه، وسنة نبيه، واتباعاً لما عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ رجب ١٤٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>