للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الطلاق لمسوغ شرعي لا ظلم فيه]

[السُّؤَالُ]

ـ[جزاكم الله عنا كل خير وجعل ما تقومون به من تنويرنا في أمور ديننا في ميزان حسناتكم إن شاء الله

أرجوكم أن تتكرموا بالإجابة عن استفساري هذا وأعتذر عن الإطالة٠

سيدي , قررت الزواج ولكوني أعيش ببلد غير بلدي طلبت من أهلي أن يبحثوا لي عن فتاة متدينة وخلوقة وذات مستوى علمي متوسط. وفعلا رشحوا لي فتاة، وفي الإجازه السنوية تعرفت عليها وعقدت عليها فتزوجنا. لكن ليلة الزفاف وعندما تجلت لي أحسست بنفور تجاهها ولم أتقبلها فقلت في نفسي ربما أنه إحساس آني وربما يمر مع الوقت فلم أدخل بها وأجلنا موضوع الدخلة بموافقتها. ومع الأيام تفاقم هذا الإحساس وصرت لا أطيقها رغم محاولاتي الضغط على نفسي. كلما رأيتها أو فكرت في كوني أني سأعيش معها أحس بقلبي ينقبض ولا أستطيع التكلم معها أو الخروج معها. وفي الوقت نفسه قلبي يتمزق حسرة إشفاقا عليهالأنني أظلمها بتصرفي هذا وهي لم تفعل أي شيء يسيء إلي. حاولت الدخول بها فلم أستطع تقبلها. وحاولت مرارا لكنني كلما اقتربت إليها أحس بنفس الإحساس. فأخبرتها بالأمر بعدما رأيتها تتعذب أمامي وأنا أحس بذنب كبير من عملي هذا. فقررت أن أضع حدا لهذا وطلبت منها أن نفترق وبطبيعة الحال رفضت وأصرت. ,أعطيت لنفسي فرصة أخرى ولكن الأمور لم تتحسن وصرت لا أستطيع الدخول إلى البيت وخفت أن أستمر في ظلمها وأن لا أستطيع الإيفاء بحقها علي كزوجه.

وبعد مرور شهر على هذه الحالة آثرت أن أطلقها لكي لا أحرمها من السعادة الزوجية التي تتمناها كل فتاة بعدما تيقنت أن حياتنا لن تستقيم أبدا. وفضلت أن نفترق الآن قبل المضي بعيدا. فهي لا زالت صغيرة السن عشرون سنة ورغم أني جامعتها إلا أنها احتفظت بعذريتها وأعطيتها كل حقوقها كما حكم بها القاضي وزدتها هبة مني لأطيب خاطرها وافترقنا. الآن كلما قرأت قول الله تعالى:\\\"وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما\\\" أحس براحة نفسية ولكن عندما أسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة. ينتابني خوف عارم من أن أكون ما عملته هو هذا الظلم الذي تكلم عنه النبي صلى الله عليه وسلم. وكلما فكرت بهذا أحسست بتذمر كبيريكاد يأتي علي وعلى تفكيري وعلى عملي٠

أرجو سيدي أن تعلموا أني لم أهنها أبدا ولم أعاملها معاملة سيئة كأن أسبها أو أضربها وكنت أحسن إليها في شراء ما يلزمها وما تريده. وتقصيري كان في كوني لم أكن أكلمها كثيرا وأبقى صامتا عندما تسألني عن شعوري نحوها وسبب عدم إتيانها غير قادر أن أبوح لها بشعوري وهذا كان يضايقها

أريد أن أتزوج لتحصين نفسي وكلما فكرت في الزواج وقف لي هذا الإحساس بالذنب كالجبل فأصاب بإحباط وخيبة أمل.

فسؤالي سيدي هل أعتبر آثما وظالما لها عندما أخذت قرار الطلاق علما أنها لم تسيء إلي. وهل هذا هو الظلم الذي تكلم عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

في كل صلاة أدعو لها أن يرزقها الله بزوج يحفظها في دينها ويحسن معاشرتها. فهل إذا لم تتزوج سيبقى ذنبها علي.

أفتوني جزاكم الله خيرا]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على حرصك على الخير واجتناب الآثام. وبخصوص تطليقك لزوجتك والحال كما ذكر، فلا حرج عليك في ذلك إن شاء الله، إذ أن الطلاق عند وجود مسوغ شرعي له حكمه الإباحة، وبما أنك قد دفعت إليها ما تستحقه من الصداق وما تستحق من نفقة وسكنى إذا كان الطلاق رجعيا فتكون حينئذ قد أوفيتها حقها فلست ظالما لها في تطليقك إياها أو في ما يتعلق بحقوقها كمطلقة.

وإذا لم تتزوج هذه الفتاةُ فلا تبعة عليك في ذلك، بل إن ذلك من قضاء الله وقدره.

ونوصيك بأن تبادر إلى الزواج لما فيه من المصالح الشرعية العظيمة من إعفاف النفس وتكثير النسل وغيرها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ جمادي الأولى ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>