للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[عاهد الله بأيمان وشق عليه العهد]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب كان يعاني في عباداته من الوسوسة، كإسراف الماء في الوضوء، والغسل والوسواس في ما يخص سلس البول ... ولما كنت أحاول التخلص من هذا، من بين الوسائل التي استعملت، وسيلة تشق علي الآن، فقد عاهدت الله بأيمان على أن لا أتجاوز في الغسل كأس ماء ونصف لكل شق، لكن هذا أصبح يشق علي خاصة عند استعمال الصابون والشامبو ... فهل يبقى علي العهد إن شق علي لا سيما أني أصبحت أتثاقل عن الغسل لوجود العهد؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت لم تتلفظ بلسانك بهذا العهد وتلك الأيمان، وإنما كان شيئاً بينك وبين نفسك فلا يلزمك شيء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وهذا هو قول الجمهور خلافاً لمالك في أحد قوليه، وأما إذا كنت قد تلفظت بهذه الأيمان فعليك كفارة يمين إذا شق عليك الوفاء بهذا العهد، لقوله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون َ {المائدة:٨٩} ، ويمكنك أن تكفر قبل الحنث أو بعده.

لكن نصيحتنا لك أن تجتهد في اتباع السنة وأن تبتعد عن الإسراف في الوضوء والغسل، فإنه مذموم على كل حال، وأكثر الناس نظافة صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع، وأحسن الهدي هديه صلى الله عليه وسلم، واجتهد في ألا تفتح على نفسك باب الوسوسة مرة أخرى.

على أننا ننبهك إلى أن الغسل الذي يرفع الحدث لا يطلب فيه استعمال شيء من المنظفات كالصابون ونحوه؛ بل جريان الماء على الجسد كاف.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٤ شعبان ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>