للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم التواصل مع امرأة أجنبية متزوجة]

[السُّؤَالُ]

ـ[شيوخنا الأعزاء: بارك الله فيكم، وأدامكم لنا نورا إلى فهم كتاب الله تعالى وهدي نبيه محمد بن عبد الله النبي الأمين عليه أفضل الصلاة والسلام..

سؤالي هو:

أنا كنت أحب فتاة أثناء دراستي الجامعية، ولقد تزوجت هذه الفتاة من رجل آخر إرضاء لأهلها (ولكن ليست مغصوبة) .. لتفادي القيل والقال..

بعد مدة سنة ونصف من الزواج بدأت هذه الفتاة بمحاولة التواصل معي عن طريق الهاتف، الرسائل.. وأوضحت لي أنها غير سعيدة، وأنها لم تنجح في نسيان موضوع علاقتنا وأحلامنا.

في بادئ الأمر حزنت كثيرا لجل الهموم التي تعاني منها بسبب قلبها المتعلق بي.. وبصراحة تراخيت وأبديت لها أن حبي لها ما يزال في أوج شبابه والدليل أنني لم أتزوج إلى الآن.. ولكنني أوضحت لها أنها متزوجة، وأن هذا الكلام لا ينفعنا، وأنه خطأ وليس منه غير الأثم.. وقد نصحتها بأن تحاول أكثر لعل الله يزرع المودة بينهم ولو بعد زمن..

مما علمته منها أنها بدأت تعاني من نوبات نفسيه تطورت إلى نوبات صرع، وهذا بشهادة أطباء مرخصين موثوقين في الدولة.. كما علمت أن الله لم يرزقهم بأطفال إلى الآن..وهي تفكر بالطلاق.. مع العلم أن زوجها على حد قولها ليس بمقصر، ولكنها تعاني من بعض الأمور مثل غياب الحب بينهم والرومانسية وهي أطلعته باحتياجاتها ولكن ليس هناك أي تقدم من قبل الزوج.. وكما أنه لا يراها إلا في نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية، وهو غير متزوج من أخرى، وقد تزوجها بكر.

وقد أعلمتها أنني لا أستطيع التواصل معها لأنه لا فائدة من ذلك، وقد نصحتها وأعلمتها أن تتجه إلى أمها أو أخواتها أومن ترضاه لكي تجد الحل المناسب لوضعها، وسأقوم بتغيير رقم هاتفي وعناويني البريدية، ولكنني خائف أن يؤثر هذا فيها ويزيد من مرضها.

من خلال بحثي في موقعكم رأيت أنه لا يحق لامرأة أن تطلب الطلاق بدون أي سبب، وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي.

وأنا أعلم أن البيوت تعمر بالمودة والرحمة أكثر من المحبة، ولكن سؤالي بالتحديد كما يلي:

هل يحق لها أن تطلب الطلاق إذا كانت لا تحب زوجها وترى أن حياتها ليست ذات قيمة في الوضع الحالي؟ وهل تكون مأثومة كما ورد في نص الحديث السابق؟

هل ما فعلته من تواصلي معها وإبرازي لحبي لها ومحاولتي لنصحها يقع تحت طائلة الحديث التالي:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأ ة على زوجها.

جزاكم الله كل خير الجزاء، وأثابكم عنا جنان الآخرة، ووفقكم لما يحبه ويرضاه..]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد حرم الإسلام على المسلم أن يكون على علاقة عاطفية بامرأة أجنبية عنه فقال تعالى: وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ {النساء: ٢٥} وهذا في حق النساء، وأما في حق الرجال فقد قال تعالى: وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة: ٥} ولا شك أن هذا الفعل من أعظم الذرائع إلى الفساد، ثم إن التواصل مع المرأة الأجنبية بالرسائل والاتصال الهاتفي لا يجوز، وتبادل عبارات الحب لا يجوز، ويعظم الأمر إذا كانت ذات زوج، ومن هنا فإننا ندعوك إلى التوبة النصوح وقطع أي علاقة معها مرة أخرى. ولا شك أنه لا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق من غير سبب لورود النهي عن ذلك، روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. ولكن إن كانت هذه المرأة متضررة بالبقاء مع زوجها فلها الحق في طلب الطلاق لأجل الضرر، وكذا إن كرهت زوجها وخشيت أن يدفعها ذلك إلى التفريط في شيء من حقه فلها الحق في مخالعته مقابل عوض تدفعه إليه. وراجع الفتوى رقم: ٣٧١١٢، وهي عن الحالات التي يشرع للمرأة فيها طلب الطلاق، والفتوى رقم: ٣٨٧٥، وهي عن الخلع.

وعلى كل حال فإننا لا ننصح هذه المرأة بالتعجل إلى شيء من الخلع أو طلب الطلاق، وينبغي أن تتذكر أن الحياة الزوجية قد تقوم على غير الحب، فهنالك كثير من المصالح التي يمكن تحقيقها من الزواج، ثم إن الحب يمكن تحصيله بحسن العشرة والتودد وحسن التبعل ونحو ذلك.

واعلم بأن تواصلك معها وإظهار حبك لها قد يكون تخبيبا لها على زوجها، فالواجب عليك التوبة والابتعاد عن كل ذلك، ودع المرأة وشأنها. ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتويين: ٩٦٤١٥، ٧٨٩٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٥ جمادي الأولى ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>