للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا تطلق قبل الأخذ بكل محاولات النصح والإرشاد والاستصلاح]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب اخترت الزواج من سيدة تعمل معي في نفس الشركة، والحمد لله بارك الله في زواجي, لكن بعد مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر انقلبت حياتي إلى جحيم وها أنا أعرض عليكم مشكلتي. أفتوني جزاكم الله خيرا: قبل الزواج عرضت على زوجتي المشكلة التي أعيشها حتى تكون على يقين من الزواج بي, فأطلعتها أن لي بيتا ولكن معي أخي وزوجته وأمي يعيشون معي لأن أخي يملك منزلا ولأسباب تعطل البناء لمدة لا تقل عن ٧ أشهر , وهي على علم بدخلي وإمكانياتي المادية والحمد لله, فقبلت أن نعيش في منزل واحد وتفهمت موقفي فاظفرت وعجلت لأنال الخير من الله, لكن بعد مدة قصيرة بدأت تخلق مشاكل فصبرت عليها لأن يقيني بالله خالص لقوله تعالى: ن الله مع الصابرين. إلى أن ذهبت تشكي لأمي مني في مشكلة بسيطة وتقول إنها لا تطيق العيش معي. والمشكلة أني نسيت بعض الملابس ملقاة في الأرض، فقالت لها والدتي هذه مشكلة بسيطة , وإن لم تطيقي العيش الآن فما بالك في المشاكل الكبيرة , وإن تستمروا على هذا الوضع فمن الأفضل الفراق قبل أن تأتوا بالأولاد، وكانت تلك مجرد نصيحة فحقدت على أمي وأبت أن تصبر معي، فكلمت أبويها وفهما الأمر وأمرها والدها بحسن معاشرتي، وبالصبر إلى أن يكتمل بيت أخي، وطلبت منها نسيان الموضوع والمسامحة مع والدتي لكي تتم الحياة بدون مشاكل فأعطيتها بعض الوقت وعلى الرغم من ذلك أبت أن تتسامح مع أمي مع العلم أن والدتي تعيش في ظروف صعبة لأن والدي يريد أن يطلقها بعد ٣٥ سنة إثر مرض نفسي أصابه- والعياذ بالله- أسأل الله أن يشفيه ويعفو عنه, وبالرغم من ذلك فأمي هي التي تقوم بجميع أعمال البيت وهي جد مسرورة بذلك , لكن زوجتي حقدت عليها وبدأت تسبني في والدتي بالرغم من كل الخير الذي أقدمه لها لتصبر حتى يكتمل بيت أخي أي بضعة أشهر, فانقلبت حياتي إثر هذه الأحداث إلى جحيم. فهي تطالب ببيت مستقل وهي تعلم أني لا أملك القدرة المالية لتلبية طلبها وأني لا أستطيع طرد والدتي وأخي من بيتي , فبدأت تخلق المشاكل تسب والدتي في وجهي وتتمرد علي، وذات يوم طلبت الطلاق والذهاب إلى أهلها، فكلمت والدها وأمرني بالإتيان بها إلى بيته ولم يكلمني أحد منهم إلا بعد يومين، وكانت زوجتي تريد مني الصلح وذهبت تطلب الصلح من والدتي، واشترطت عليها أن تتوقف عن العمل لأن هذه المشاكل أثرت على حياتي المهنية بحيث الكل أصبح يعلم عندما أتشاجر مع زوجتي, والحمد لله أنا قادر على إعالتها، فأبت أن تدع العمل وقالت لي إني لست بقادر أن أعيشها في المرتبة التي هي تطمح لها, فشرعت في الإجراءات القانونية للطلاق مع العلم أني ما طلبت منها مالا قط ولا أتدخل في تدبير راتبها، لكني لاحظت أنها مبذرة فنصحتها بحسن التصرف في مالها فاتهمتني بسوء النية، وأني أريد أن أنال من مالها, وإن أمرتها بالحجاب تحلف أن لا تلبسه ما دمت مصرا على ذلك. وهذا قليل من شخصيتها. أريد منكم النصح إن كنت اتخدت القرار الصحيح بتطليقها بإحسان. وهل كان لي أن أصبر أكثر فجزاكم الله خيرا أفتوني في هذا الأمر لأني أخاف الله رب العلمين، وأخاف أن أظلمها في حقها في اتخاذ الطلاق حل لهذا المشكل.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل المتقرر أن الطلاق هو آخر الحلول، وأنه لا ينبغي المسارعة إليه إلا بعد الصبر الجميل واستنفاذ محاولات النصح والإرشاد والاستصلاح، ولا شك أن زوجتك- هداها الله- قد ارتكبت جملة من المعاصي بل من كبائر الذنوب مثل سبها لأمك، ونشوزها عليك، وتركها للحجاب. وهذه كلها خطايا عظيمة، فإن كنت قد قمت بواجبك تجاهها من نصحها وتذكيرها بالله وبحقوقه ولكنها أصرت على فعلها، فلا شك أن الطلاق حينئذ هو القرار الصائب لأن إمساك مثل هذه المرأة شر وفيه ما فيه من تضييع لدينك ودنياك وأولادك، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: ٦١٩٠٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٤ رمضان ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>