للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[أبرأت أخاها مما لها وعوضها ورثته فهل يحل لها]

[السُّؤَالُ]

ـ[شيخنا الجليل أرجو التكرم منكم بالإفتاء بالمسألة التالية: أودعت والدتي لدى أختها الكبرى مصاغها الذهبي أمانة لديها لانعدام ظروف الأمان في بيتها في بداية الزواج كون البيت كان قديما ومن غرفة واحدة، بعد فترة جاء خالي الأكبر إلى خالتي وطلب منها جزءا من المصاغ (أسوار عدد ٢) وقال لها إنه طلب ذلك من والدتي بعد أن لقيها قبل قليل فأعطته خالتي بنية حسنة (أساور عدد ٢) حيث إن والدتي كانت تسكن في قرية أخرى ووسائل الاتصال والنقل في ذلك الوقت لم تكن كما هو عليه الحال اليوم، ولعدم شكها بصدق خالي، وبعد فترة علمت أمي فأنكرت أنها وافقت على إعطائه ذلك، وأن لقاءها به في تلك الفترة قد تم، ولكن لم يتم طرح موضوع استدانة المصاغ أو جزء منه.

بعد فترة من الزمن احتاجت والدتي للمصاغ الذي أخذه خالي فطلبته منه في البداية حصل أخذ ورد، ثم ذهب خالي إلى خالتي التي أخذ المصاغ من عندها وأعطاها (إسورة عدد ١) لتعطيها لوالدتي إلا أن والدتي رفضت كون الإسورة لا تكافئ التي أخذها خالي لا وزنا ولا عيارا، فبقيت الإسورة عند خالتي، وبعد مضي سنوات جاء خالي مرة أخرى إلى خالتي وأخذ الإسورة التي وضعها عندها لتعيدها لوالدتي.

مضت سنوات وأمي تطالب بحقها وخالي لا يستجيب، وأخيرا بوساطة البعض أعاد لوالدتي مبلغا يقارب ثمن إحدى الأساور (يزيد عن ثمنها قليلا في ذلك الوقت) فبقيت بذمته واحدة لم يرجعها رغم المطالبة المتكررة.

توفي خالي رحمه الله تعالى وعند التشييع قالت والدتي إنها سامحته بحقها لحزنها الشديد عليه، بعد وفاته بفترة تبين أن تركة خالي تقدر بالملايين، إن لم يكن بعشرات الملايين من الليرات السورية، وهنا والدتي ولضيق ذات اليد رأت أن تستعيد حقها، وخاصة أن بعض الورثة أراد إبراء ذمة والدهم، عرضوا على والدتي مبلغا من المال يقارب خمسين ألف ليرة وهو أقل من قيمة الإسورة المتبقية في ذمة خالي، رضيت والدتي أن تأخذ مالا عوضا عن الإسورة، وإن كان أقل من قيمة حقها وأن تسامحه بما تبقى من قيمة الذهب.

١-هل يحل لوالدتي أخذ المال عوضا عن الذهب؟

٢-هل يتم تقدير قيمة الذهب وفق السعر الذي كان في وقت أخذ الذهب فيه أم وفق سعر الذهب وفق وقت الإعادة؟

٣-إن كان المال المأخوذ يقل أو يزيد عن قيمة الذهب الذي بذمة خالي فهل يحل لها أخذه؟

٤-هل يحل لوالدتي أخذ المال عوضا عن الذهب أو حتى الذهب نفسه بعد أن سامحته بحقها يوم موته علما أنها سامحته وقتها لحزنها عليه ولعدم معرفتها بقيمة تركاته ورأفة منها بأولاده وبناته؟ أرجو التكرم وإرسال الإجابة على البريد]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دفعه الورثة إلى الأم إن كان على سبيل قضاء ما في ذمة مورثهم فلا يلزمهم ذلك ولاحق للأم فيه؛ لأنها قد أسقطت حقها وتنازلت عنه وأبرأت الميت منه، وليس لها الرجوع فيه بعد ذلك إذ من المقرر في القواعد الفقهية أن الساقط لايعود. وانظر الفتوى رقم: ٢٠٢٨٥.

وأما إن كان ما دفعه الورثة إليها من قبيل الإحسان مكافأة لها على تنازلها عن حقها في ذمة مورثهم فلاحرج عليهم في ذلك، إن كانوا رشداء بالغين.ونرجو أن يكون ذلك من البر بأبيهم بعد موته والصلة له.

وننبه إلى بعض ما ورد في السؤال من تصرف الأخت المودعة بإعطائها بعض الوديعة لغير صاحبها دون بينة، وبذلك تضمن لتفريطها في الحفظ. وأما أخذ قيمة الذهب عوضا عنه عند السداد إن رضي صاحبه فلا حرج، كما بينا في الفتوى رقم:، ٥٨٩٣٣.

لكن ما دفع للأم هنا ليس عوضا عن السوار، وإنما هو إحسان وعطية منهم إن شاءوا ذلك؛ لأنها قد أسقطت حقها كما ذكرنا سابقا.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>