للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[يستحب طلاق مثل هذه المرأة]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا أرمل وتزوجت إنسانة لم أعرفها من قبل ولم أكن أعرف خصالها وخصال أهلها وأنها وحيدة ومدلعة وتغضب لأتفه الأسباب وتريد مني أن أصالحها، المهم أنها سليطة اللسان وتريد مني أن أعتذر في كل مرة

وهى تاركة منزل الزوجية ومقيمة عند أهلها كى تربي أولادها مع والدتها، حيث إنها تعمل وتترك أولادها عند والدتها، ووالدها يحرضها على البقاء عنده كي يستفد منها ويربى أولادها، وأنا لي أولاد صغار من زوجة متوفية، وهم الأساس من زواجي، ولكنها كانت تتشاجر معهم بصفة مستمرة ولا تريد الأكل معهم في مكان واحد وعندما اضطر للمبيت في عملي ـ وهذه طبيعة عملي كل أسبوع أضطر للمبيت يوما خارج المنزل ـ كانت تترك الأولاد دون طعام بحجة أنني تركت لهم فلوسا وتتركهم وتنزل تقيم عند أهلها بالشارع المجاور وأنا اتصل بأولادي وأجدهم وحدهم بالمنزل، وهى الآن تركت منزل الزوجية من أكثر من ٥ شهور وهى حامل ولا تريد الاتصال بي وقامت بتغيير رقم التليفون وأنا أريد أنا أرى أولادي منها، ولا تطيعني، وتأخذ حقوقها الماية من المحكمة ومن مقر عملي، ولا تعطيني حقوقي الشرعية، وقد قلت لها كيف تستحلين المبالغ التي تأخذينها منى بدون أن تسلميني نفسك؟ هذا حرام شرعا فهي وأهلها لا يطبقون الشرع علي وينسون حدود الله، ووالدها لا يصلى ولا يتفوه إلا بالشتيمة والألفاظ القبيحة، وهو يريد تدميري نفسيا ومعنويا وماديا، حيث إنني أعرفه على حقيقته وهومتعال وفقير، وأنا أذكره بأن الأخلاق أهم من كنوز الدنيا، ولكن هناك نقص وخلل نفسي في تكوين هذه الأسرة، حيث إن زوجتي وحيدة وليس لها أخوات وأنا أذكرها أنه بعد وفاة والديها لن يبقى لها سند، ولكنها تطيع والديها طاعة عمياء ـ وكأن الله فضل طاعتهم على طاعة الزوج ـ وأثناء مشادة معها في التليفون استفزتني فقمت بإلقاء يمين الطلاق، وقد ذهبت إلى دار الإفتاء المصرية وأفتونى بأن الطلاق لم يقع، لأنني مكره من كثرة النقاش والشقاق بيني وبينها، حيث إنني أمر بحالة نفسية حرجة لبعد زوجتي وأولادي عنى، وأولادي يقيمون الآن مع والدتي في محافظة أخرى في فترة الصيف، وعندما أكون مقيما بمفردي في المنزل تنتابني حالة اكتآب ومرض نفسي، ولم يعجبها الإفتاء وتوجهت إلى المحكمة لإثبات الطلاق ولم تعطي نفسها الفرصة للذهاب معي لدار الإفتاء لمراجعتها لو كذبت، وأنا الآن في حيرة من أمري فأنا لا أستأمنها على اسمي ولا على أولادي وأخشى أن تضيع حقوقهم بعد وفاتي، ووالدها يستحل كل ما هو حرام، بالإضافة إلى أنها تقوم بتسجيل جميع المكالمات الهاتفية بيني وبينها وتتعمد اغضابى كي أرمي عليها يميين الطلاق، لقد احترت وأرجو إفادتي، أنا أخشى منها ومن أهلها أن يأذوا أولادي، وفي نفس الوقت لا أريد أن أرى تشريد أولادي منها، ولكنها سليطة اللسان وعندما تغضبني أقوم ـ بفعلها ـ أو ما شابه دون ضرب أو أي شيء آخر، ولكنها تقوم بالصراخ وإحضار الجيران، وأنا أنهار عندما أجد أنه لا داعي كي تقوم بفعل كل هذا، خاصة أن هناك رجالا كثيرين يقومون بإهانة زوجاتهم وضربهن ضربا مبرحا ولا يتفوهون بكلمة، ولكنها أخدت درسا من والدها عند أي مشكلة بيني وبينها تقوم بإحضار الجيران وإثبات حالة وعمل محضر بالشرطة، وقضايا وإثبات بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية بأنني السبب كي تأخذ حقوقها كاملة.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر من حال هذه المرأة أنها بالإضافة إلى نشوزها وسوء عشرتها كارهة للبقاء معك، وقد ظهر هذا جليا من مفارقتها لبيتك وعدم الرد على هاتفك واستفزازك دائما لكي تطلقها ـ حسب كلامك ـ وإذا ثبت هذا، فلا مصلحة لك في البقاء مع امرأة لا ترغب في البقاء معك، فيمكنك أن تبذل معها محاولة أخيرة للرجوع إلى بيتك وترك هذا النشوز والعصيان، فإن لم تستجب لك فطلقها وابحث عن غيرها من صواحبات الدين والخلق، فإنه يستحب طلاق مثل هذه المرأة، أخرج الحاكم في مستدركه وصححه، وصححه الألباني أيضا عن أبي موسى الأشعري قال: قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يدعون الله، فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجلٍ مال فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيهاً ماله.

قال العلامة المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق ـ بالضم ـ فلم يطلقها، فإذا دعا عليها لا يستجيب له، لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. انتهى.

وجاء في الإنصاف للمرداوي: ويستحب الطلاق إذا كان في بقاء النكاح ضرر. انتهى.

ويمكنك في هذه الحالة ما دامت مصرة على نشوزها أن تعضلها بأن تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك بمال، كما بيناه في الفتوى رقم: ٧٦٢٥١.

وأما عن النفقة فالأصل أن النشوز يسقط حق المرأة في النفقة، إلا أن زوجتك هذه تستحق النفقة فترة الحمل، لأن النفقة حينئذ لأجل حملها على ما رجحناه في الفتوى: ١٢٥٧٩٠.

وفي النهاية ننبهك على أمرين:

الأول: أن الزوجة لا يجب عليها خدمة أولادك من غيرها، فلا يجوز لك أن تجبرها على ذلك إلا أن تفعله هي تطوعا.

الثاني: أن هؤلاء الذين ذكرت من أحوالهم أنهم يضربون زوجاتهم ضربا مبرحا آثمون ظالمون مخالفون لأمر الله سبحانه بمعاشرة النساء بالمعروف، فلا يجوز لك أن تقتدي بهم في هذا العدوان.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ رمضان ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>