للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الطلاق بلغة أعجمية يقع كالعربية مادام باللفظ الصريح في لغتهم]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا متزوج من إيطالية مسيحية الديانة كانت بيننا مشكلة بسبب ابننا ـ عمرـ وخرجت عن شعورى بعد ٦ سنوات من الزواج، قلت لها بانفعال شديد أنت طالق فى التليفون من سنة باللغتين: العربية والإيطالية، ولا أدري إن كانت حائضا أم لا؟ وبعد حوالى شهرين راجعتها، ويوم ٢٤/٤/٢٠٠٩ عملنا مشكلة أخرى وذهبنا إلى القنصلية المصرية وعملنا ورقة طلاق وقلت لها أنت طالق باللغتين العربية والإيطالية، ولم تكن حائضا ويوم ١٤/٥/٢٠٠٩ ذهبت إلى مصر ورجعت يوم ـ١٤/٦/٢٠٠٩ وبعد يومين من رجوعي اجتمعت معها مرتين ولم نعمل أى إجراء رسمى بورقة زواج من جديد لأننا عملنا ورقة طلاق من قبل، وفي اليوم الرابع نزل عليها دم الحيض وبعد ٣ أيام انتهى دم الحيض ولم أجامعها، وبعد حوالى ٥ أيام جرت بيننا مشكلة ولكني كنت ظالما لها، وبعد مناقشة طويلة انتهت ـ قلت لها انتبهي بقي لنا طلقة واحدة ولن نستطيع أن نرجع لبعض لأنني مسلم قالت لي ما هذا؟ أنت صدقت أننا رجعنا لبعضنا قلها قلها وخلصني، لأنها كانت مظلومة وأنا لا أريد أن أقولها ولكن لكي أرضيها قلت لها باللغة الإيطالية فقط، لأنني ليست عندي النية أن أطلقها للمرة الثالثة وفيما بيني وبين نفسي وبيني وبين ربي أنا لم أقلها لها بالإيطالية ـ لن تحسب ـ وبعد أيام قليلة تقول لى أنا أريد أن أبقى مسلمة ونرجع لبعضنا، قلت لها لابد أن أستشير إمام المسجد، فقال لي الإمام الموضوع يحتاج إلى دراسة، فهل لي أن أردها إلى عصمتي؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت حين تلفظّت بالطلاق في المرة الأولى قد وصل بك الغضب إلى حدٍّ أفقدك الإدراك بحيث لا تعي ما تقول فلا تقع هذه الطلقة، فإنّ الغضب الذي يفقد الإدراك يمنع وقوع الطلاق، وانظر الفتوى رقم: ١٤٩٦، وأمّا إذا كان الغضب لم يصل بك إلى فقد الإدراك، فهذه الطلقة واقعة، سواء أكانت في حيض أو طهر جامعتها فيه، فإنّه وإن كان هذا الطلاق محرما وبدعة إلّا أنّ جماهير أهل العلم على وقوعه، وكونك قد تلفظت بالطلاق باللغتين العربية والإيطالية، إن كنت قصدت به التأكيد أو إفهام زوجتك فهي طلقة واحدة؛ لإن اختلاف اللفظ لا يضر في قصد التأكيد، فقد قال النووي رحمه الله في روضة الطالبين: ولو قال أنت مطلقة أنت مسرحة أنت مفارقة فهو كقوله أنت طالق أنت طالق على الأصح. انتهى.

وكان قد بين قبل ذلك حكم هذه اللفظ الثاني بأنه إن قصد التأكيد وكان لم يسكت سكوت فوق سكون النفس قبل منه ادعاء التوكيد، أمّا إذا كنت قصدت بكل لفظ طلقة فهما طلقتان عند جمهورأهل العلم.

وننبّه إلى أنّ حقّ الزوج في الرجعة يكون في زمن العدة وهي ثلاث حيضات، فإذا انقضت العدة فلا يملك الزوج رجعتها إلا أن يعقد عليها عقداً جديدا، فإذا كنت راجعت زوجتك بعد انقضاء عدتها بغير عقد جديد، فهي ليست زوجة لك ولا يقع عليها طلاق ومعاشرتك لها حرام، أمّا إذا كنت قد أرجعتها قبل انقضاء عدتّها فالرجعة صحيحة، وقد لحقها ما أوقعته عليه من طلاق وأصبحت مطلقة ثلاثاً، ولا يمنع من وقوع الطلقة الثالثة كونك لم تقصد الطلاق، فإنّ صريح الطلاق يقع بغير نية، قال في الشرح الكبير ـ حنبلي: وجملة ذلك أن الصريح لا يحتاج إلى نية بل يقع من غير قصد فمتى قال أنت طالق أو مطلقة أو طلقتك وقع من غير نية بغير خلاف. الشرح الكبير لابن قدامة ـ ٨ ـ ٢٧٥ـ

والراجح أنّ التلفظّ بالطلاق باللغة الإيطالية لا يمنع من وقوعه ما دام باللفظ الصريح في لغتهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فَإِنَّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ يُثْبِتُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مِنْ اللُّغَاتِ: إذْ الْمَدَارُ عَلَى الْمَعْنَى. مجموع الفتاوى - ١٥ ـ٤٤٩ـ

وقال الخطيب الشربيني ـ الشافعي: وترجمة ـ لفظ ـ الطلاق بالعجمية صريح على المذهب لشهرة استعمالها في معناها عند أهلها شهرة استعمال العربية عند أهلها. مغني المحتاج - ٣ / ٢٨ ٠ـ

وقال الرحيباني الحنبلي: فَمَنْ قَالَهُ أَي: بِهِشْتُمْ: لفظ الطلاق بالفارسيةعَارِفًا مَعْنَاهُ مِنْ عَرَبِيٍّ أَوْ أَعْجَمِيٍّ وَقَعَ مَا نَوَاهُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَوَاحِدَةٌ كَصَرِيحِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ.

وعلى ذلك فقد حرمت عليك زوجتك وبانت بينونة كبرى، فلا تحلّ لك إلّا إذا تزوجّت زواجاً صحيحاً ووطئها زوجها ثم طلقّها، على أن يكون الزواج زواج رغبة وليس زواج تحليل.

وإذا كانت هذه المرأة ترغب في الإسلام فينبغي أن تجتهد في تشجيعها على ذلك وتعريفها بالمراكز الإسلامية أو الاستعانة ببعض المسلمات الصالحات في بلدها، ففي ذلك أجر عظيم، فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ. متفق عليه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٤ شعبان ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>