للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم مصافحة الأقارب العجائز]

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد أرسلت لكم سؤالا يتعلق بالمصافحة وتم إجابتي بالفتاوى ١٠٢٥/١٥٩٩٥/١٢٥٠٣ وحيث إن الموضوع في غاية الأهمية لأنه يوجد لدينا بليبيا عادات وتقاليد تختلف عن البلدان الإسلامية الأخرى وبالإضافة إلى كبار السن فهم ليس لهم أي مستوى تعليمي فتوجد لدي زوجات أعمامي وزوجات أخوالي فإن لم أصافحهن فسوف تسبب مشاكل عائلية وبالإضافة إلى أنهن مثل أمي فهن كبيرات في السن وفي المصافحة لا توجد أي شبهة يمكن للشيطان أن يدخل في أحد الطرفين فهل يجوز المصافحة بالقفاز إن تطلب الأمر أو أن أبتعد عن زيارة أقاربي أي قطع صلة الرحم؟

فأرشدونا جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن على المسلم الاحتياط لنفسه والسعي في سبيل التورع عن الأمور المشتبه فيها والمختلف فيها، فإن السلامة مما اختلف في جوازه وتحريمه إنما تتم بالبعد عنه.

ومسألة مصافحة العجائز اللاتي لا تخشى بهن الفتنة ورد فيها خلاف بين العلماء فعلاً، ولكن المسلم العاقل يحرص على سلامته من عذاب الله، ويقدم رضى الله على رضى الناس، ويتابع الهدي النبوي ويقدمه على العوائد، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البعد عن مصافحة النساء والوعيد الشديد على مسهن، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة، ما كان يبايعهن إلا بالكلام. رواه البخاري ومسلم.

وقد أخرج الإمامان مالك في الموطأ وأحمد في المسند وغيرهما عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة بايعنه على الإسلام فقلن: يا رسول الله؛ نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة. والحديث صححه الألباني والأرناؤوط.

وثبت عنه في الوعيد على مسهن قوله صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات.

وبهذا يتضح أن الأسلم والأرضى لله أن تترك مصافحتهن، وأما المصافحة بالقفاز فقد سئل الإمام أحمد عنها، وأفتى بمنعها. واعلم أن العوائد يجب نبذها عند خلافها للشرع كما قال الناظم:

فالعرف إن صادم أمر الباري *وجب أن ينبذ بالبراري

إذ ليس بالمفيد جري العيد *بخلف أمر المبدئ المعيد

واعلم أن قلوب العباد بيد الله، فإذا قدمت طاعته على هواهم أرضاهم عنك، فقد روى ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.

فالحاصل أنا ننصحك بترك المصافحة وبالاتصال بأعمامك وأخوالك دون أن تدخل على زوجاتهم، واحرص على تعليمهم العلم الشرعي وتقوية إيمانهم حتى يخضعوا للحق جميعاً، وليكن ذلك بحكمة ورفق، وراجع الفتاوى التالية أرقامها للمزيد في الموضوع: ٢٧٦٥٨، ١٥٩٩٥، ٣٣٨١٦، ٣٦١٥٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ محرم ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>