للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ضوابط التكفير وحكم استتابة المرتد]

[السُّؤَالُ]

ـ[شيخنا الفاضل: سؤالى حول تفسير الآية والأحكام المستنبطة منها، يقول الله عز وجل: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، يستدل البعض بالآية الكريمة على ضرورة إقامة الحجة والبيان قبل الحكم على من كان على الشرك الأكبر ويقولون إن من ينتسب إلى الإسلام وجهله مركب ولم ينبهه أحد على الشرك يحكم عليه بالإسلام ويعامل معاملة المسلم حتى تقام عليه الحجة، وأن القرآن لا يعتبر حجة كافية في حقه لكون جهله مركبا، والبعض يقول إن الآية بينت أن الله لا يعذب من لم يبلغه رسوله، ومن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة ولم يبق له عذر فى أن يشرك بالله، والفائدة الثانية هي أنه يجب علينا ألا نعذب المشرك حتى نبين له ونستتيبه قبل الحد وقبل أن نحل دمه وماله وهذا ليس من إقامة الحجة لأن الحجة قد قامت عليه عندما بلغه القرآن باللغة التى يجيدها، أما إن نتوقف فى تكفيره ونعامله على الإسلام وهو يشرك بالله صراحة من دعاء الأولياء والتوكل عليهم ورجائهم فليس هناك دليل على ذلك بل الدليل، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك، ومن بلغه كلام الله فلا عذر له، ومن فرق بين بلوغ الحجة وفهمها يقول إنه نحكم على المرتد المنتسب للإسلام بالكفر، ولكن لا نقيم عليه الحد إلا بعد الاستتابة.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبقت لنا فتاوى عدة في ضوابط التكفير، راجع منها على سبيل المثال الفتوى رقم: ٧٢١ والفتوى رقم: ٥٣٨٣٥ وهنالك فتاوى في ضابط ما يعذر فيه بالجهل وما لا يعذر فيه بالجهل راجع منها الفتوى رقم: ١٩٠٨٤ والفتوى رقم: ٦٠٨٢٤ وهي كافية في بيان ما يتعلق بالشق الأول من السؤال، وبقي أن ننبه إلى أن القول بأن القرآن لا يعتبر حجة كافية قول غير صحيح، ولكن من الممكن أن يقال لا بد من بلوغه على وجه تقوم به الحجة من جهة بيان ما يحتاج إلى تفسير، وتوضيح وإزالة الشبهة إن كانت ثمة شبهة ونحو ذلك، وتراجع في هذا الفتوى رقم: ٥٥٣٥٣ والفتوى رقم: ٧٢٠٣٥.

وأما الشق الثاني من السؤال والمتعلق باستتابة المرتد فإن هذه المسألة قد اختلف فيها العلماء، فذهب أكثر أهل العلم إلى وجوبها، واستدلوا على ذلك بأثر عمر رضي الله عنه، وقد سبق بيانه بالفتوى رقم: ٣٣٥٦٢، وذهب آخرون إلى استحبابها، وحجتهم أن الدعوة قد بلغته، وقول الجمهور أقرب إلى الصواب، واستتابة المرتد فيها كثيرمن المصالح غيرمصلحة إقامة الحجة، ومن ذلك رجاء عودته إلى رشده ورجوعه إلى الإسلام، قال ابن قدامة في المغني في معرض استدلاله على وجوب الاستتابة: ولو لم تجب استتابته لما برئ من فعلهم ولأنه أمكن استصلاحه فلم يجز إتلافه قبل استصلاحه كالثوب النجس اهـ.

وننبه إلى أن إقامة الحدود من شأن سلطان المسلمين أو من ينوب عنه، فليس لعامة الأفراد استيفاؤها وتراجع الفتوى رقم: ٢٣٣٧٦، ولمزيد الفائدة عن قتل المرتد والرد على بعض الشبهات حوله تراجع الفتويان: ٧٢٢٠١ / ١٣٩٨٧.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ جمادي الثانية ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>