للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[عدم رضا الأم عن الفتاة التي اختارها ولدها للزواج]

[السُّؤَالُ]

ـ[مشكلتي شائكة تحتاج إلى نظرة حاذقة تمزج بين الدين والدنيا وتحسب المصلحة العامة والمنفعة السائدة وتتوسع لتشمل كل الأركان ولاتكون حصرا لقاعدة أو مكان ولهذا لجئت أليك لأسئلك فأأستحلفك بالله العلي العظيم الذي أن سئل أعطى كأجود من أجود كريم وله الأمر والقضاء وله التسليم , سبحانه العليم الحكيم , اختار من عباده الأنبياء وجعل من ورتثهم العلماء , نورا يستدل به في الظلماء , جعلك الله منهم , وحشرك في زمرتهم , وأسعدك برفقتهم , اللهم أمين , أن تجيب على سؤالي وأن لاتهمل مقالي فالأمر جد عاجل ولايحتمل التأجيل وأرجو المعذرة للتطويل ولكن الأمر يحتاج التفصيل لتكون عندك الرؤية واضحة كأنك قد شاهدت ما قيل

أما بعد:- والمشكلة كما يلي.....

بعدما طلب أخي من أمي ذات مرة أن تبحت له عن عروس وكما هو معلوم وملموس , قدمت له أمي بعض الأسماء على افتراض أنه سيبدأ بالإنتقاء , ولكن بعد فترة جاء وقال إنه أحب فتاة سمراء , تعمل معه في نفس المجال وأنه أحب فيها حلو الكلام وعذاب المقال و...... و..... وغيره مما يقال , وكما تفعل كل أم في مثل هذه الحال ,سئلته عنها وهي مرتاحة البال , فكان مما قال أنها أكبر منه ب ٣ أو ٤ سنين في العمر ولكن هذا لايؤذي ولايضر , فأعترضت أمي في البداية , ثم بعد ذلك سلمت في النهاية , فليس هذا بالأمر الذي يعيبه الإسلام فها هو خير الآنام عليه أفضل الصلاة والسلام تزوج سيدة النساء , من حياها رب السماء , وهم في العمر ليسوا سواء , وكلنا وقفنا معه من هذا الباب وعتبنا على أمي ذاك الإعتراض , فوافقت أمي مع قليل من الامتعاض , لعلمها بمزاج أخي المقلاب وأنه بعد فترة قد يملها , ويضع بعد ذلك العمر كأحد الأسباب ويتحجج بأننا لم ننصحه وأسقيناه مآء السراب , ولكن بعد جدال وسجال أقنعته أمي أن هذا هو قراره ولا بد أن يتحمل تبعاته وأضراره.

ولكن ما بدأ في الظهور والبيان وأعظم من أن يكون في الحسبان

* فأولا:- الفتاة ليست محجبة , وقد تحججت بأن أمها منعتها من الحجاب وبأنها بمجرد أرتباطها بأخي سيكون أمرا مجاب , فقلنا لا بأس يكسب فيها ثواب.

ولكن بعد فترة عندما أحست بتمسك أخي بها وميله إليها , قالت إنها لن ترتدي الحجاب وأن يغلق عليها نقاش هذا الباب , فغضب أخي وأنهى الخطاب , فعادت وقالت لابأس أنها ستفعل ذلك ولكن بعد الزواج وكتب الكتاب , ولاندري أصادقة هي فيما تقول أم هو كلام ليل يلفه ضباب.

* وثا نيا:- عندما سئلنا عن عائلتهم بعض الأحباب , وذهبنا لمقابلتهم للتمحيص والاستجواب وجدنا أن عماد البيت (الأم) ليست متحجبة والأسوأ من ذلك هو أنها تعتقد أنها متمدنة ولاتجد في ذلك عيبا أو خطأ.

فهي دكتوراة جامعية ترتدي ملابس شبابية وهي قد بلغت من العمر عتيا!!

سروايل جينز على تسريحات شعر أوربية من غير ذكر البلوزات المحصورة والعصرية , تحل المشاكل النفسانية وسبحان الله علاقتها بأهل زوجها شبه مقطوعة بالكلية!! فما أعجب ما نسمع من قصص مروية!!.

والطامة الكبرى أن القطيعة أمتدت لدرجة أن زوجها لم يقف في عزآء أخيه ولم يزر بيت أبيه , وهذا الكلام أكدته الفتاة ولم نفتريه , والحجة أن أهله أثاروا معها المشكل فأختارت الانعزالية ولكن هل هذا يصوغ قطيعة الرحم ويجعلها سوية!!.

وسيد الدار ليس له الا الطاعة ولايملك أي قرار!!

وكذلك هم لا صلة وثيقة لهم مع أهل أبيهم بأستنتاء فقط أخيهم.

* وثالثا:- كل من سألناهم من أهل الخبرة والاستشارة ومن لهم مع هذه العائلة جوار أو سابق عهد من صداقة وجوار أفتونا بأن نتراجع عن هذا الاختيار وأنها ليست كفؤا لااجتماعيا ولا ماديا ولا دينيا , فشتان بين الأمصار.

والمشكلة أن بعد هذا كله أخي لم يقتنع ومازال يصر على أن يكمل المشوار وأنه هي أو الانتحار وأنه ليس له عنها بديل أو خيار , ولايهمه إن كانت أمها غير محجبة والأمور الأخرى التي ذكرتها لك آنفا في الحوار.

وهو مقتنع تماما بأنها مظلومة وأن كل الذين تكلموا حقودين وحسودين وكرههم لها واضح كضوء النهار!!

والبلوى أن أبي أقسم بالله أن لا يشترك في شئ لايرضاه الله , وخيره بين الإرتباط بها وبين البقاء في البيت والسكن معنا , فهو لايريد رؤيتها , ولايرضى لابنه الإرتباط بمثيلتها , فاختار أخي وللأسف الخروج من البيت والفرار وطلب من أمي ماله لشراء الشقة وأصر على القرار , فبكت أمي حرقة على ولد عقدت عليه الأمال ووربته وسهرت عليه لسنين الطوال, ليبدلها في آخر الأمر بقرار اتفقنا جميعا أنه أساء فيه الاختيار.

وماهو أسوأ من هذا كله أنه بدء الأن يتهم أمي بأنها ظالمة وأنها السبب في كل ما جرى وصار وأنها لاتريد له أن يعيش سعيدا مع المرأة التي اختار وذلك بزعمه لآن أمي تحب التملك والسيطرة وإن سمع كلامها فإنه أبدا لن يتزوج وينعم بالاستقرار , فبكت أمي حرقة لإحساسها بالظلم والانقهار ورفعت يديها داعية العزيز الجبار ثم طلبت مني أن أسئلك يا شيخي الكريم بعد أن أسرد على مسامعك هذا الواقع الأليم من ناحية الشرع والدين هل هي حقاً ظالمه لأنها لم توافق ابنها على اختياره وهو يتحمل مسؤليته أمام الله وهي بريئة منه يوم القيامة لأنها نصحت وأرشدت، وهل تعتبر آثمة إن رفضت أن تدعمه مادياً ومعنوياً في عرسه لأنها لم يعجبها اختياره كما وضحت؟ أم أنه كان عليها أن توافقه بعد أن أرشدته وهو يتحمل المسؤولية فهو بالغ عاقل راشد ولكن لا يواظب على الصلاة؟ متى تكون أمي حقاً ظالمة من الناحية الشرعية إن وافقت وذهبت معه وأقنعت أبي بالذهاب لتلم شمل العائلة الذي بدأ بالتمزق منذ تمرده وإعلانه العصيان والخروج من البيت وهو يتحمل مسؤولية قراره لوحده أمام الله؟؟ أم العكس تكون ظالمة إن أصرت على رأيها وأبي بعدم الذهاب وعدم دعمه لا مادياً ولا معنويا فيما اختار؟ أفتني يا شيخي الكريم، كفاك الله شر كل حاقد ولئيم وجزاك الله عنا كل خير بعد صلى الله على السيد الأمين افضل الصلاة وأتم التسليم خاص وشكراً أتوسل إليكم بالله أتوسل إليكم بالله أن لا تهملوا رسالتي أستحلفكم بالله.

,]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلى الوالدة أن تنصح ولدها بذات الدين والخلق، ولا يجوز للابن مخالفتها وعصيانها في الزواج بفتاة معينة، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: ٦٥٦٣. وإذا لم توافق الأم على امرأة ترى أنها غير مناسبة، وليست ذات دين وخلق فلا تكون ظالمة لولدها بل ناصحة له، ولا تأثم إذا لم تدعمه مادياً أو معنوياً ولا تكون ظالمة أو آثمة أيضاً إذا وافقت نزولاً عند رغبة ولدها، جلباً لمصلحة أعظم، وهي جمع شمل العائلة من التفرق، ودفعاً لمفسدة أشد، وهي تفرق العائلة وخروج الولد من البيت مع زواجه بتلك الفتاة، فالأم ليست ظالمة في كلا الحالتين مع أننا ننصح بالخيار الأخير لأنه قد يكون أقرب لجمع الشمل ونبذ الفرقة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٣ رمضان ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>